إليه، فأجلس في الملك سيف الدين بن غازى بن قطب الدين مودود، ورحل عماد الدين زنكى بن مودود إلى عمه نور الدين مستنصرا به؛ وكان عمر قطب الدين لما توفى قريبا من أربعين سنة، ومدة ملكه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفا.
وفى هذه السنة توفى الأمير مجد الدين بن الداية، وهو رضيع نور الدين، وكان أعظم الأمراء منزلة عنده، وكان له من الإقطاع حارم، وقلعة جعبر، فردّ ما كان إليه إلى أخيه شمس الدين بن الداية.
[ذكر استيلاء الملك العادل نور الدين - رحمه الله - على الموصل، وإقرار ابن أخيه سيف الدين عليها]
ولما بلغ نور الدين - رحمه الله - وفاة أخيه قطب الدين بالموصل، واستيلاء عبد المسيح واستبداده بالأمور أنف من ذلك وعظم عليه، وكان شديد البغض لعبد المسيح - كما ذكرنا - فقصد الرّقة، في سنة ست وستين وخمسمائة، فتسلمها على عوض أعطاه النائب بها.
وحكى عماد الدين الكاتب - رحمه الله - قال: «استدعانى نور الدين - ونحن بظاهر الرّقة -، وقال لى: قد أنست بك، وأمنت إليك، وأنا غير مختار للفرقة، لكن المهم [١١٨] الذى عرض لا يبلغ الغرض فيه غيرك، فتمضى إلى الديوان العزيز جريدة، وتنهى إليه أنى قصدت بيتى وبيت والدى، فأنا كبيره ووارثه، وتأخذ لى منه إذنا في ذلك، وأنا ممتثل لما يرد علىّ منه؛ وأمر الأمير ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه أن يسيّرنى إلى الرحبة في رجال من عنده،