للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١) ذكر مقتل نصير الدين جقر النائب بالموصل

كان الملك ألب أرسلان بن السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه عند عماد الدين بالموصل وهو (٢) أتابكه، وقد تقدم ذكر ذلك، وكان عماد الدين يظهر للخلفاء والسلاطين وأصحاب الأطراف أن البلاد للملك ألب أرسلان، وهو نائبه بها، والخطبة له في جميع بلاده، وكان ينتظر وفاة الملك مسعود ليخطب له (٣) بالسلطنة، ويملك بغداد وسائر الممالك باسمه؛ وكان نصير الدين النائب كل يوم يقصده ليقوم بخدمة إن عرضت له، فحسّن بعض المفسدين للملك ألب أرسلان قتل نصير الدين، وقال: «إن قتلته ملكت الموصل وغيرها، ولا يبقى مع أتابك زنكى فارس واحد». فصدّق هذا القول ووقع في نفسه، وواطأ على ذلك جماعة من الأجناد، فلما دخل نصير الدين عليه للعادة وثبوا عليه فقتلوه، وألقوا رأسه إلى أصحابه، ظنا منهم أن أصحابه إذا رأوا ذلك يتفرقون، ويخرج الملك ألب أرسلان ويملك البلاد.

فلما رأى أصحاب نصير الدين الرأس قاتلوا من بالدار، واجتمع عليهم خلق كثير من أصحاب عماد الدين وأكابر دولته، ثم دخل القاضى تاج الدين يحيى ابن الشهرزورى إلى الملك وخدعه، وقال له: «يا مولانا، لم تحرد من هذا الكلب؟ هو وأستاذه مماليك، والحمد لله الذى أراحنا منه ومن صاحبه على يدك، وما الذى يقعدك في هذه الدار؟ قم لتصعد إلى القلعة وتأخذ الأموال والسلاح، وتملك البلد، وتجمع لك الجند، وليس دون البلاد بعد الموصل مانع». فقام معه وركب، وصعد


(١) ما يقابل هذه الصفحة وما يليها مفقود في س، ولتصحيح النص سنقارن بينه وبين ما ورد في ابن الأثير.
(٢) الضمير هنا يعود على عماد الدين أي أن عماد الدين كان أتابكا للملك ألب أرسلان ولكن السلطة الحقيقية كلها كانت بيد عماد الدين.
(٣) الضمير هنا يعود على الملك ألب أرسلان.

<<  <  ج: ص:  >  >>