خطاب بقلم القاضى الفاضل، مرسل من صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، الخليفة الموحدى بالمغرب، في سنة خمس وثمانين وخمسمائة، يستجيشه على الفرنج أثناء قتاله معهم حول عكا
عن:(القلقشندى: صبح الأعشى، ج ٦، ص ٥٢٦ - ٥٣٠) فتح الله بحضرة سيدنا أمير المؤمنين، وسيد العالمين، وقسيم الدنيا والدين، أبواب الميامن، وأسباب المحاسن، وأحله من كفايته في الحرم الآمن، وأنجزه من نصرة الحق ما الله له ضامن، وأصلح به كلّ رأى عليه الهوى رائن، ومكّن له في هذه البسيطة بسطة، وزاده بالعلم غبطة، حتى يكون للأنبياء بالعلم وللأرض بالعزم وارثا، وحتى يشيد بحادث قديما من مجده الذى لا يزال بغض الحديث حادثا.
كان من أوائل عزمنا وفواتح رأينا عند ورودنا الديار المصرية مفاتحة دولة سيدنا، وأن نتيمن بمكاتبتها، ونتزين بمخاطبتها، وننهض إليها أماثل الأصحاب ونستسقى معرفتها استسقاء السحاب، وننتجعها بالخواطر ونجعل الكتب رسلها، وأيدى الرسل سبلها، ونمسك طرفا من حبل الجهاد يكون بيد حضرة سيدنا العالية طرفه، ونمسح غرة سبق وارثها ووارث نورها سلفه، ونتجاذب أعداء الله من الجانبين، لا سيما بعد أن نبنا عنه نيابتين في نوبتين: فالأولى تطهير الأرضين المصرية واليمنية من ضلالة أغضت عيون الأيام على قذاها، وأنامت عيون الأنام بائعة يقظتها بكراها، ونيابة ثانية في تطهير بيت المقدس ممن كان يعارض برجسه تقديسه، ويزعج ببناء ضلاله تأسيسه، وما كان إلا جنة إسلام فخرج منها المسلمون خروج أبيبم آدم من الجنة، وأعقبهم فيها إبليس الكفر