للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٠)

قطعة من خطاب آخر مرسل من صلاح الدين وهو في عكا للبشرى بانتصاره في وقعة حطين

(أبو شامة: الروضتين، ج ٢ ص ٨٧، عن العماد الأصفهانى)

«ولما أحيط بالقوم أوى ملكهم إلى جبل يعصمه من العوم، فأسمعه السيف: لا عاصم اليوم، واستولى الخذلان عليهم بأسرهم، وبردت أيدى المؤمنين بحرّ قتلهم وأسرهم، ولم يبق لهم باقيه، وغصّت بقتلاهم في الدنيا والآخرة أرض الله الواسعة ونار الله الحامية، فما يطأ من يصل إلى مخيّمهم إلى على رممهم البالية، وأسر الملك وأخوه، وبارونيته ومقدّموه، ولم يفلت منهم إلا القمّص وهو مسلوب، ولا بد أن ندركه فهو مطلوب.

وقد كنّا نظرنا ضرب رقبة الابرنس صاحب الكرك الغدّار، كافر الكفّار، ونشيدة النار، فلما رأيناه ضربنا عنقه سريعا، وسرنا إلى عكّا وهى بيضة ملكهم، وواسطة سلكهم، ومركز دائرة كفرهم، ومجمع جمع برّهم وبحرهم، فتسلمناها بالآمان.

والصخرة المقدّسة الآن بنا تصرخ وتستغيث، وعباد الله الصالحون قد وصلت إليهم بوعد الله الصادق المواريث، والبشارة بفتح القدس لا تتأخر، والهمم بعد هذا الفتح السنى على ذلك تتوفر، والحمد لله الذى تتمّ الصالحات بمحمده، ما يفتح الله للنّاس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده» (١)


(١) الآية ٢ (ك) سورة فاطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>