للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ودخلت سنة تسعين وخمسمائة]

والملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب بالبلاد الشرقية، وقد استقر ملكه بها. ورجعت النّجد إلى بلادها، واستحكمت الوحشة بين الأخوين:

الملك العزيز والملك الأفضل، واتفق رأى الأمراء بمصر على أن تكون المملكة مجتمعة للملك العزيز عماد الدين عثمان، وقالوا: «هو أولى أولاد السلطان بذلك، إذ هو المحيى لسنّة والده في الشجاعة والكرم»؛ وأشاروا على الملك العزيز بالتوجه إلى الشام لتجتمع له المملكتان، وتنتظم ممالك والده في سلكه، فبرز إلى البركة (١)، وبذل الأموال، واستخدم الرجال، وبلغ ذلك الملك الأفضل، فاشتد خوفه.

وكان من جملة الأسباب الباعثة للملك العزيز على الحركة أن ثغر جبيل - وهو من جملة الفتوح الصلاحية - وكان مستحفظه رجلا كرديا متنمسا، فأرغبه الفرنج، وبذلوا له مالا، فسلّم الثغر إليهم، فظهر الضغف عن استخلاصه، وخرج الملك الأفضل وخيمّ على البقاع ليستخلصه، فتعذّر ذلك عليه، فقالت الأمراء للملك العزيز: «توانيت، فطرقت (٢) البلاد واستولى عليها الفرنج»، فحينئذ صمم على الحركة، وخرج بمضاربه وجحافله لقصد الشام.


(١) المقصود بها «بركة الجب» أو «بركة الحاج» وقد عرفها (المقريزى: الحطط، ج ٣ ص ٢٦٥ - ٢٦٧) بقوله: «هذه البركة في الجهة البحرية من القاهرة على نحو يريد منها، عرفت أولا بجب عميرة، ثم قيل لها أرض الجب، وعرفت اليوم ببركة الحجاج من أجل نزول حجاج البر بها عند مسيرهم من القاهرة، وعند عودهم. . إلخ».
(٢) (ك): «إن أنت توانيت تطرقت البلاد» والتعبير هنا أسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>