للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر مسير الملك الناصر صلاح الدين - رحمه الله - إلى الديار المصرية]

ثم أزمع السلطان العود إلى الديار المصرية بعد أن قرر بدمشق أخاه الملك المعظم، فتقدمه الأمراء من أصحابه، والملوك من أهل بيته، وخرج من دمشق في يوم الجمعة لأربع بقين من ربيع الأول، والتقاه أخوه ونائبه الملك العادل.

ولما استقر السلطان بداره بالقاهرة أمر ببناء السور (١) الدائر على مصر والقاهرة والقلعة التي على جبل المقطم، ودوره تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاثمائة ذراع وذراعان بذراع العمل، وهو الذراع الهاشمى، وذلك بما فيه من ساحل القاهرة والقلعة بالجبل، من ذلك: ما بين قلعة المقسم (٢) التي على


(١) بنى حول القاهرة ثلاثة أسوار: الأول بناه جوهر عند إنشاء القاهرة وأداره على القصر والجامع والمناخ الذى نزل به هو وجنوده، وكان هذا السور من اللبن، وقد أدرك المقريزى قطعة منه كانت باقية حتى سنة ٨٠٣ هـ‍، والسور الثانى بناه أمير الجيوش بدر الجمالى في سنة ٤٨٠ هـ‍ وزاد فيه الزيادات التي أضيفت إلى القاهرة، وبنى هذا السور من اللبن أما الأبواب فبنيت من الحجارة، والسور الثالث - وهو المشار اليه هنا في المتن -، وبدأ في عمارته السلطان صلاح الدين في سنة ٥٦٦ هـ‍ وهو لا يزال وزيرا للعاضد، وبعد استقلاله بمصر انتدب في سنة ٥٦٩ بهاء الدين قراقوش الأسدى للاشراف على بنائه بحيث يضم بين جنباته القاهرة والقلعة والفسطاط جميعا. انظر الفصل الذى عقده المقريزى للحديث عن سور القاهرة في (الخطط، ج ٢، ص ٢٠٤ - ٢٠٩).
(٢) عرف (ابن تغرى بردى: النجوم، ج ٤: ص ٥٣) المقس - نقلا عن القضاعى - بقوله: «المقس كانت ضيعة تعرف بأم دنين، وإنما سميت المقس لأن العشّار وهو المكّاس كان فيها يستخرج الأموال، فقيل له المكس، ثم قيل المقس»، وقد حرف اللفظ فيما بعد إلى المقسم كذلك، وقد علق المرحوم محمد رمزى على هذا بقوله، «المقس، والمكس، والمقسم، وأم دنين كلها أسماء مترادفة لقرية كانت واقعة على شاطئ النيل وقت أن كان النيل يجرى في عهد الدولة الفاطمية في المكان الذى يمر فيه اليوم شارع عماد الدين وميدان محطة مصر وما بعده إلى الشمال بشارع الملكة نازلى، وكان المقس في عهد الدولة الفاطمية مقصورا على قرية المقس التي كانت واقعة في المنطقة التي =

<<  <  ج: ص:  >  >>