وما اختار البعيد على القريب، وصاحب إربل جارهم، وأبوه زين الدين هو بيتهم، وشيّد أمرهم، وهو يشكو جوارهم في حقه وظلمهم له؛ وذكر أيضا الذى حفظ خوف صاحب الحديثة وصاحب تكريت منهم.
ذكر منازلة السلطان الموصل
وهى المنازلة الثانية
ولما خيّم السلطان بالإسماعيليات شرع في إقطاع البلاد للجند، وسيّر الأمير سيف الدين على بن أحمد المشطوب الهكّارى ومعه الأمراء من عشيرته إلى بلد الهكّارية، وأرسل جماعة من الأمراء الحميدية إلى العقر وأعمالها لافتتاح قلاعها، وأمر بنصب الجسر، [٢٦١] وعبر مظفر الدين بن زين الدين وغيره من الأمراء، وخيّموا بالجانب الغربى.
وكان الحر إذ ذاك شديدا، فأمر السلطان بالكفّ عن القتال إلى أن يطيب الزمان، وتقدم بتحويل دجلة، وكان ماؤها قد قل، وذكر من له خبرة ونظر في علم الهندسة أنه يمكن سدها وسكرها ونقلها وتحويلها إلى دجلة نينوى، ويعطش أهل الموصل (١) إذا انقطع الماء عنها، فلا يبقى إلا تسليمها، وكان أهل الموصل يعبرون إلى الجانب الشرقى فيقاتلون العسكر ثم يعودون.
(١) ذكر العماد (الروضتين، ج ٢، ص ٦٢) أن هذا الرأى عرض على أحد المهندسين المعاصرين فأقره ووافق عليه، أما هذا المهندس فهو «الفقيه العالم فخر الدين أبو شجاع بن الدهان البغدادى، وكان مهندس زمانه»؛ ونقل صاحب الروضتين (ج ٢، ص ٦٣) فقرة من رسالة بقلم العماد أرسلت إلى الديوان العزيز تشير إلى هذا الموضوع، ونصها: «وذكر المهندسون من أهل الخبرة أنه يسهل تحويل دجلة الموصل عنها بحيث يبعد مستقى الماء منها، وحينئذ يضطر أهلها إلى تسليمها بغير قتال، ولا حصول ضرر في تضييق ولا نزال».