لا يتمكن معه مما يريد، فاتفق أن مجير الدين قبض عليه وقتله، فتم غرض نور الدين إلى دولته، وكاتب الأحداث بدمشق ووعدهم الإحسان إليهم واستمالهم إليه، ثم سار إلى دمشق وحصرها، فأرسل مجير الدين إلى الفرنج وبذل لهم الأموال، ووعدهم تسليم بعلبك إليهم إن نجدوه ورحّلوا نور الدين عنه؛ فجمعوا فارسهم وراجلهم، ولم يجتمع جمعهم إلا وقد تسلّم نور الدين البلد.
وكان صورة تسلمه له أن الأحداث ثاروا وفتحوا الباب الشرقى فدخله نور الدين وملك البلد، وحصر مجير الدين في القلعة، وراسله في التسليم، وبذل له إقطاعا من جملته حمص، فأجاب إلى ذلك، وسلم قلعة دمشق إلى نور الدين، وسار إلى حمص ثم إنه راسل أهل دمشق ليسلموا إليه البلد، وعلم نور الدين بذلك، فأخذ منه حمص، وسلّم إليه بالس، فلم يرضها، وسار عنها إلى بغداد وأقام بها، وابتنى دارا بالقرب من مدرسة النظامية، وتوفى بها، وصفت الممالك بالشام لنور الدين.
وذكر ابن الأثير أن فتح تل باشر كان في هذه السنة، وأن نور الدين بعث إلى حسّان - صاحب منبج - في أن يتسلمها فتسلمها.
وكنا حكينا عن ابن منقذ أن تسلمها كان في سنة ست وأربعين، وما ذكره ابن الأثير هو الأصح، فإنه ذكر أنه لما ورد عليه رسل النواب بتل باشر يبذلون التسليم إليه كان نور الدين نازلا على دمشق، ومنازلة الماء كانت في هذه السنة.
[ذكر منازلة نور الدين - رحمه الله - حارم]
[٧٧] وفى سنة إحدى وخمسين وخمسمائة حاصر نور الدين محمود بن زنكى - رحمه الله - قلعة حارم وهى لبيمند - صاحب أنطاكية -؛ فجمع الفرنج وسار إلى لقائه، فمنعوها منه، وكان في الحصن رجل من دهاة الأفرنج يرجعون إلى رأيه