للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر أول خطبة

خطب بها ببيت المقدس بعد الفتح

ولما كان يوم الجمعة التالية لجمعة الفتح، وهو الرابع من شعبان، حضر المسلمون الحرم الشريف، فغصّ بالزحام، فإنه من حين (١) تسامع الناس به في سائر الأطراف، وكسر العدو، والقصد إلى فتح بيت المقدس، توافى الناس من كل صقع، وجاءوا من كل فج، ليفوزوا بالزيارة ويحظوا بالمشاهدة للفتح، فاجتمع من أهل (٢) الإسلام عدد عظيم لا يقع عليهم الإحصاء، فلما أذّن الظهر من يوم هذه الجمعة المباركة حضر السلطان بقبة الصخرة المقدسة وهو في غاية السرور والفرح، إذ جعله الله تعالى في هذا الفتح ثانيا لعمر بن الخطاب - رضى الله عنه - الفاتح الأول وميّزه بهده المنقبة دون سائر الملوك من ملوك الإسلام (٣).

وامتلأت عراص المسجد وصحونه بالخلائق، واستعبرت العيون من شدة الفرح، وخشعت الأصوات، ووجلت القلوب، وكان جماعة من الأكابر والعلماء قد رشحوا أنفسهم للخطبة في هذا المسجد المعظم، وأخذوا لذلك أهبته وألّفوا ما يخطبون به، ومنهم من عرض للسلطان يطلب ذلك، ومنهم من صرح، والسلطان ساكت لا يبدى سره، فلما حان وقت الخطبة نصّ على القاضى محيى الدين بن زكى الدين،


(١) هذا اللفظ ساقط من س.
(٢) س: «أعمال».
(٣) س: «دون سائر ملوك المسلمين».

<<  <  ج: ص:  >  >>