للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر وقعة الكمين]

ولما كان يوم السبت سادس جمادى الآخرة بلغ السلطان أن الفرنج يخرجون من صور للاحتطاب والاحتشاش متبددين (١) ويصلون إلى جبل تبنين، وفى قلبه من رجالة المسلمين وما جرى عليهم أمر عظيم، فرأى أن يقرر كمينا لهم، وبلغه أنه [٣٣٥] يخرج وراءهم (٢) أيضا خيل تحفظهم، فعمل كمينا يصلح للقاء الجميع، ثم أنفذ إلى عسكر تبنين أن يخرجوا في نفر يسير عابرين (٣) على تلك الرجالة، فان تبعهم خيل العدو ينهزموا إلى جهة عينها لهم، وأن يكون ذلك صبيحة الاثنين ثامن جمادى الآخرة، وأرسل إلى عسكر عكا أن يسير حتى يكون وراء عسكر العدو، وحتى إن تحركوا يكونوا في نصرة أصحابهم، وقصد واخيمهم.

وركب السلطان في عساكره إلى الجهة التي عينها لهزيمة عسكر تبنين، حتى قطع تبنين ورتب العسكر ثمانية أطلاب، واستخرج من كل طلب عشرين فارسا، وأمرهم أن يتراءوا للعدو حتى يظهروا إليهم ويناوشوهم، وينهزموا بين أيديهم، حتى يصلوا إلى الكمين، ففعلوا ذلك وظهر لهم من الفرنج معظم عسكرهم، يقدمهم الملك، وجرى بينهم وبين [هذه] الفرقة اليسيرة قتال شديد والتزمت السرية (٤) القتال، وأنفت من الانهزام، وحملتهم الحمية على مخالفة السلطان، واتصل الخبر بالسلطان في أواخر الأمر وقد هجم الليل، فبعث بعوثا كثيرة، فعاد الفرنج ناكصين على أعقابهم، وقتل من الفرنج عشرة، ومن


(١) الأصل: " مشردين "، والتصحيح عن س، والأصل المنقول عنه هنا وهو (ابن الأثير: الكامل، ج ١٢، ص ١٢).
(٢) الأصل: «لهم» والتصحيح عن: (الروضتين، ج ٧، ص ١٤١).
(٣) الأصل: " غابرين "، والتصحيح عن س وابن شداد والروضتين.
(٤) س: " الرجال ".

<<  <  ج: ص:  >  >>