للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قواعد التسليم، فرأوا الأمر قد فات فسار إلى دمشق فحصرها، وكان نزوله أولا من شماليها، ثم انتقل إلى ميدان الحصى (١)، وزحف وقاتل، فرأى قوة ظاهرة وشجاعة عظيمة، وكان القائم بأعباء هذه الحروب معين الدين أثر (٢) مملوك طغتكين، فقام في حفظ البلد قياما مشهودا.

وبينما عماد الدين يحاصر البلد إذ ورد عليه أبو بكر بن بشر الجزرى رسولا من الراشد بالله بن المسترشد، ليتوجه إليه وينجده على السلطان مسعود، ويأمره بصلح صاحب دمشق، والرحيل عنها، فصالحهم، وخطبوا بدمشق للملك ألب أرسلان بن السلطان محمود، وكانت الخطبة له في جميع بلاد عماد الدين.

[ذكر مقتل المسترشد وخلافة الراشد بالله]

حكى الأمير مؤيد الدين سديد الدولة أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم ابن الأنبارى (٣) - كاتب الانشاء - قال:

كان وقع بين السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه وبين الخليفة المسترشد بالله خلف، وخرج الخليفة لقتاله مرتين وكسر، فلما مات السلطان محمود وولى السلطنة أخوه السلطان مسعود بن محمد، استطال نوابه بالعراق، وعارض الخليفة في إقطاعه، فوقعت بينهما وحشة، فتجهز المسترشد بالله وعزم على الخروج، وجدّ في ذلك،


(١) في الأصل: «الحصا».
(٢) في الأصل: «أتز»، انظر ما فات ص ٩، هامش ٤
(٣) عاش ابن الأنبارى بين سنتى ٤٦٩ و ٥٥٨ (١٠٧٦ - ١١٦٣)، وأقام كاتبا للانشاء نيفا وخمسين سنة، وناب في الوزارة، وبعث رسولا إلى الملك سنجر وغيره، وكان بينه وبين الحريرى صاحب المقامات مكاتبات ومراسلات. أنظر ترجمته في: (ابن الجوزى: المنتظم، ج ١٠، ص ٢٠٦؛ ابن كثير: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٤٧؛ وابن تغرى بردى: النجوم، ج ٥، ص ٥٦٤؛ والزركلى: الأعلام، ج ٣، ص ٩١٩)، ولا يعرف عن ابن الانبارى أنه ألف في التاريخ أو غيره، وأغلب الظن أن هذا الخبر روى عنه شفاها.

<<  <  ج: ص:  >  >>