للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر إقامة الدعوة العباسية بمصر وانقراض الدولة العلوية بها]

كان الملك العادل نور الدين - رحمه الله - لما تحقق ضعف الدولة المصرية، وأنه لم يبق لهم منعة كتب إلى صلاح الدين يأمره أن يقطع خطبة العاضد ويخطب للخليفة من بنى العباس، فاعتذر (١) صلاح الدين بن أيوب بالخوف من وثوب أهل مصر وامتناعهم من الإجابة إلى ذلك لميلهم إلى العلوية (١)، فلم يصغ نور الدين إلى قوله، وأرسل إليه يلزمه ذلك إلزاما لا فسحة فيه؛ ثم اتفق مرض العاضد، فاستشار صلاح الدين الأمراء في قطع الخطبة له، وكيف يكون الابتداء بالخطبة العباسية، فمنهم من أقدم على المساعدة وأشار بها، ومنهم من خاف من الإقدام على ذلك؛ إلا أنه لم يمكنه إلا امتثال [أمر (٢)] نور الدين؛ وكان قد رحل إلى ديار مصر رجل أعجمى يعرف بالأمير العالم (٣)، فلما رأى ما بهم من الإحجام، قال: «أنا أبتدى بها».


(١) الصيغة في س (٣١ ب) تختلف قليلا عنها هنا، ونصها هناك: «فاعتذر صلاح الدين من وثوب أهل مصر عليه، وامتناعهم من ذلك لميلهم إلى العلويين».
(٢) أضيف ما بين الحاصرتين عن: (الروضتين، ج ١، ص ١٩٤).
(٣) ذكر (ابن الأثير: الكامل، ج ١١، ص ١٣٨) أن هذا الرجل هو أول من خطب للمستضىء وذكر أنه رآه بنفسه بعد ذلك في الموصل. أنظر أيضا: (الروضتين، ج ١، ص ١٩٤) ولكن (ابن الدبيثى: تاريخه باختصار الذهبى، ونشر الدكتور مصطفى جواد، ج ١، ص ١٤٢) ذكر أن أول من خطب للعباسيين رجل آخر اسمه «محمد بن المحسن بن الحسين ابن أبى المضاء البعلبكى أبو عبد الله» المتوفى سنة ٥٧٢ هـ‍. فقد قال في ترجمته له: «وعاد إلى مصر، واتصل بصلاح الدين سلطان مصر، وهو الذى خطب للامام المستضىء بمصر، ونفذه صلاح الدين رسولا إلى بغداد، ثم رجع إلى دمشق فمات بها». أنظر أيضا: (الروضتين، ج ١، ص ١٩٣، ١٩٥) حيث أورد نص رسالة بقلم القاضى الفاضل، مرسلة من صلاح الدين إلى الخليفة المستضىء، ينبئه فيها باقامة الخطبة له بمصر وأن من قام بالخطبة هو حامل الرسالة الخطيب شمس الدين بن أبى المضاء. انظر أيضا: (النجوم الزاهرة، ج ٥، ص ٣٤٣) و (المقريزى، السلوك، ج ١، ص ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>