فأنزلهن وأكرمهن، وأحضر أصحابه واستشارهم فيما يفعل، فأشار أكثرهم بإجابتهن إلى ما طلبن، فقال له الفقيه ضياء الدين عيسى وعلى بن أحمد المشطوب:
" مثل الموصل لا تترك لامرأة، فإن عز الدين ما أنفذهن إلا وقد عجز عن حفظ البلد ".
فوافق ذلك هواه، وقال لهن:
" قد قبلت شفاعتكن، لكن لابد أن نعمل ما تقتضيه المصلحة ".
واعتذر إليهن، فرجعن خائبات متلومات.
[ذكر مرض السلطان ورحيله عن الموصل]
ثم دخل شهر رمضان وبدأ بالسلطان مرض أزعجه وأقلقه، فندم على ردّ النساء الأتابكيات وعدم قبول شفاعتهن، فسيّر إلى عماد الدين زنكى بن مودود - صاحب سنجار - وأذن له في الدخول بينه وبين عز الدين - صاحب الموصل - في الصلح، فدخل رسوله، وهو وزيره شمس الدين بن عبد الكافى، وشمس الدين قاضى العسكر من جانب السلطان إلى الموصل.
وكان من قبل قد سبق القول أن السلطان يتسلم بلاد شهرزور وقلاعها وحصونها وضياعها، وكذلك ما وراء الزابين من البوازيج والرستاق، وبلد القرابلية وبنى قفجان، فدخل الرسولان إلى الموصل لأجل العهد على هذا الملتزم، ورحل السلطان في سلخ شهر رمضان وهو في شدة من المرض، ووصل إلى حرّان.
قال القاضى بهاء الدين بن شداد - رحمه الله -:
" كان عز الدين - صاحب الموصل - قد سيّر إلى الخليفة يستنجد به، فلم يصل منه زبدة، وسيّر إلى العجم فلم يحصل منهم زبدة، فلما وصلت من