وساق أبقارهم وخرّب ديارهم، فثفع في القوم خاله شهاب الدين محمود بن تكش - صاحب حماة - وكانوا قد راسلوه في ذلك - لأنهم جيرانه -، فرحل عنهم وقد انتقم منهم.
وكان الفرنج قد غاروا على البقاع، فخرج إليهم الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك المعروف بابن المقدّم، وكان ببعلبك قد أقطعه السلطان إياها، فقتل منهم وأسر أكثر من مائتى أسير، وأحضرهم عند السلطان وهو محاصر مصياف [١٩٣] ثم وصل السلطان إلى حماة وقد استكمل الظفر.
اجتماع السلطان
بأخيه الملك المعظم شمس الدولة توران شاه بن أيوب
كنا قد ذكرنا مسير الملك المعظم شمس الدولة فخر الدين توران شاه بن أيوب إلى بلاد اليمن، وفى سنة إحدى وسبعين فارق اليمن بعد أن استناب بها، وقصد خدمة أخيه السلطان الملك الناصر، فوصل إلى دمشق في ذى الحجة، ثم رحل عنها متوجها إلى السلطان فاجتمع به بمدينة حماة، فتعانقا في المخيم في الميدان، وسر السلطان بلقياه سرورا شديدا، وكان عند مفارقته اليمن قد كتب إلى السلطان كتابا ضمنه أبياتا من شعر ابن المنجم (١) المصرى أولها:
الشوق أولع بالقلوب واوجع، ... فعلام أدفع منه ما لا يدفع
ومنها:
وحملت من وجد الأحبّة مفردا ... ما ليس يحمله الأحبّة أجمع
لا يستقرّ بى الهوى في موضع ... إلا تقاضانى الترحّل موضع
(١) هو نشو الدولة على بن مفرج المنحم. انظر ترجمته في: (العماد: الخريدة، قسم شعراء مصر، ج ١، ص ١٦٨ - ١٦٩) و (السيوطى، حسن المحاضرة، ج ١، ص ٣٢٦).