جورديك النورى إلى الثبات إلى الفتح، لئلا يضيع ما تقدم من الأعمال وإنفاق الأموال، وقال السلطان:
" إن السور قد تهدم، وقاربت الأمور النجاز، فاصبروا ولا تعجلوا تفلحوا "
فأظهروا الموافقة وفى أنفسهم ما فيها، ولم يصدقوا القتال، وتعللوا بكثرة الجراح، وقلة العلوفات، فلم يسع السلطان إلا الرحيل فأمر بنقل الأثقال، فحمل بعضها إلى صيدا وبيروت، وأحرق الباقى لئلا يناله العدو، [٣٠٨] فرحل في آخر شوال من السنة، وهو الموافق أول كانون الأول.
وسار الملك المظفر إلى دمشق على طريق هونين، واستصحب معه عساكر الشرق وديار بكر والموصل والجزيرة وسنجار وماردين.
[ذكر وصول السلطان إلى عكا ومقامه بها]
ورحل السلطان إلى عكا [فوصلها] في ثلاث مراحل، لأنه سلك طريق الناقورة، وهى طريق ضيقة، مطلة على البحر لا يعبر منها إلا جمل بعد جمل، فعبرت الأثقال في أسبوع، وعيّن يوم رحيله من صور أمراء يقيمون عليها إلى أن يعرفوا عبور الثقل، وخيم السلطان عند التل؛ وسار الملك العادل إلى مصر، والملك الظاهر إلى حلب، وبدر الدين دلدرم الياروقى إلى بلاده.
[ذكر الكبسة على حصن الكوكب]
كان السلطان لما سار إلى عسقلان قد جعل على قلعة كوكب من يحصرها، ويحفظ البحر والطريق للمجتازين، لئلا ينزل من به من الفرنج يقطعونه، وقدّم على الجماعة الأمير سيف الدين محمود أخا جاولى الأسدى، وسيّر طائفة أخرى من العسكر إلى قلعة صفد فحصروها، وهى مطلة على مدينة طبرية، وكانت كوكب للاسبتارية، وصفد للداويّة، وقدّم على المنازلين بصفد مسعود الصلتى.