وتحصّن الفرنج بحصنها، فما زال بهم قاضى جبلة يخوفهم ويرغبهم حتى استنزلهم منها بشرط أن يأخذ منهم رهنا إلى أن يردوا من أنطاكية رهائن جبلة من المسلمين، فأخذ منهم جماعة من رؤوسهم ومقدميهم، فبقوا عنده حتى أعاد الابرنس صاحب أنطاكية الرهائن التي عنده، فحينئذ أطلقوا.
وكان تسلم جبلة يوم السبت تاسع عشر جمادى الأولى، وأقام السلطان عليها إلى الثالث والعشرين منه.
[ذكر فتح بكسرائيل]
وفى الجبل على سمت طريق حماة حصن حصين يعرف ببكسرائيل، وكان أهل الحصن استعادوه من الفرنج منذ سنين، فسلموه إلى السلطان، ونزلوا مقدمو الجبل إلى خدمته سامعين مطيعين.
ثم سلم السلطان جبلة إلى الأمير سابق الدين [عثمان] بن الداية - صاحب شيزر -، واحترم قاضى جبلة، وأحسن إليه وحبس عليه أملاكا، وصرّفه في أملاك آبائه، وحكّمه في القضاء وفوّضه إليه.
[ذكر فتح اللاذقية]
ثم رحل السلطان إلى اللاذقية يوم الأربعاء لسبع بقين من جمادى الأول، فبات بالقرب منها وصبّحها يوم الخميس، وقد امتنع الفرنج بقلاعها، وهى ثلاث متلاصقات على طول البلد، فاشتد القتال، وعظم الزحف إلى آخر النهار، فتسلم السلطان البلد دون القلاع، وغنم الناس منه غنيمة عظيمة، فإنه كان بلد التجار، وفرّق بين الناس الليل، وأصبح يوم الجمعة مقاتلا، وأخذ النقوب من شمال