للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٦)

قطعة من خطاب بقلم القاضى الفاضل، صادرة عن صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى وزير بغداد، يعدد فيها فتوحه وجهوده

في خدمة الخلافة العباسية، وآخرها قطع الخطبة للخليفة العاضد، وإعلانها للمستضئ بنور الله العباسى، ويطلب إرسال التشريفات عن: (أبو شامة: كتاب الروضتين، ج ١، ص ١٩٥) " كتب الخادم هذه الخدمة من مستقره ودين الولاء مشروع، وعلم الجهاد مرفوع، وسؤدد السواد متبوع، وحكم السداد بين الأمة موضوع، وسبب الفساد مقطوع ممنوع، وقد توالت الفتوح عربا ويمنا وشاما، وصارت البلاد بل الدنيا، والشهر بل الدهر، حرما حراما، فأضحى الدين واحدا بعد ما كان أديانا، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها إلا صما وعميانا، والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شائعة، ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء، وتقطعوا أمرهم بينهم شيعا، وفرقوا أمر الأمة وكان محتمعا، وكذبوا بالنار فعجلت لهم نار الحتوف، ونثرت أقلام الظبا حروف رءوسهم نثر الأقلام للحروف، ومزقوا كل ممزق، وأخذ منهم كل مخنق، وقطع دابرهم، ووعظ آيبهم غابرهم، ورغمت أنوفهم ومنابرهم، وحقت عليهم الكلمة تشريدا وقتلا، وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا، وليس السيف عمن سواهم من كفار الفرنج بصائم، ولا الليل عن سير إليهم بنائم.

ولا خفاء عن المجلس الصاحبى أن من شد عقد خلافة وحلى عقد خلاف، وقام بدولة وقعد بأخرى قد عجز عنها الأخلاف والأسلاف، فإنه مفتقر إلى أن يشكر ما نصح، ويقلد ما فتح، ويبلغ ما اقترح، ويقدم حقه ولا يطرح، ويقرب مكانه

<<  <  ج: ص:  >  >>