للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبازهم، وما يضبط مثل هذا الإقليم العظيم إلا بالمال العظيم، ثم أنت تعرف مصر وعظماءها، وأنهم معتادون النعمة الواسعة، وقد تصرفوا في أماكن لا يمكن انتزاعها منهم، ولا يسمحون بأن ينقص من ارتفاعها»؛ ثم أخذ [صلاح الدين] (١) في جمع مال يرفعه [إلى نور الدين] (١)، وحصل لخالد من الأموال ما لم يكن في خلده. ثم اتفقت وفاة نور الدين - رحمه الله - فكان ما سنذكره إن شاء الله تعالى.

ذكر وفاة الملك العادل نور الدين

ابن زنكى بن آق سنقر - رحمه الله تعالى -

كنا ذكرنا أن نور الدين كان قد عزم على التجهز للدخول إلى الديار المصرية لأخذها من صلاح الدين، فإنه رأى منه فتورا في قصد الفرنج من ناحيته، (٢) وكان يعلم (٢) أنه إنما يمتنع صلاح الدين من الغزو للخوف منه والاجتماع به، وأنه يؤثر


= الموفق بن القيسرانى إلى الديار المصرية، واجتمع بالسلطان الملك الناصر، وأنهى إليه رسالة نور الدين، وطالبه بحساب جميع ما حصله وارتفع إليه من المغل فصعب ذلك على السلطان، وأراد شق العصى، لولا ما ثاب إليه من السكينة والعقل، فأمر بعمل الحساب، وعرضه على ابن القيسرانى، وأراه جرائد الأجناد بمبالغ إقطاعهم، وتعيين جامكياتهم، ورواتب نفقاتهم، فلما حصل عنده جميع ذلك أرسل معه هدية إلى نور الدين مع الفقيه عيسى. إلخ». ثم نقل ابن أبى طى بعد ذلك ثبتا بمفردات هذه الهدية التي أرسلها صلاح الدين إلى نور الدين، ولهذا الثبت أهميته لأن ابن أبى طى نقله كما ذكر من «خط الموفق بن القيسرانى»، ثم عقب عليه بقوله: «وخرجوا بهذه الهدية فلم تصل إلى نور الدين، لانهم اتصل بهم وفاته، فمنها ما أعيد، ومنها ما استهلك، لأن الفقيه عيسى وابن القيسرانى وضعوا عليهم من نهبهم، واستبدوا بأكثرها، وقيل إنها وصلت جميعها إلى السلطان، لانه اتصل به خبر موت نور الدين، فأنفذ من ردها، قال: وحدثنى من شاهد هذه الهدية أنه كان معها عشرة صناديق مالا لم يعلم مقداره»: انظر (الروضتين، ج ١، ص ٢١٩).
(١) ما بين الحاصرتين عن س.
(٢) مكان هذين اللفظين في س: «وذلك» - والمؤلف ينقل هنا عن (ابن الأثير: الكامل، ج ١١، ص ١٥١)، ولاحظ أن المصدر الأول لأخبار النفرة بين نور الدين وصلاح الدين هو ابن الاثير، وهو يكرر الفكرة ويؤكدها كلما سنحت له فرصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>