هذا وملكهم يكرر المراسلات إليهم بالتسليم، ويشير عليهم، ويعدهم أنه إذا أطلق أضرم البلاد على المسلمين نارا، واستنجد بالفرنج من البحر، وأجلب الخيل والرجل عليهم من أقاصى بلاد الفرنج وأدانيها، وهم لا يجيبون إلى ما يقول، ولا يسمعون ما يشير به، ولما رأوا أنهم لا يزدادون كل يوم إلا ضعفا ووهنا، وإذا قتل الرجل لا يجدون له عوضا، ولا لهم نجدة ينتظرونها، راسلوا ملكهم المأسور في تسليم البلد على شروط اقترحوها، فأجابهم السلطان إليها، وكانوا قتلوا في الحصار الأمير حسام الدين إبراهيم بن حسين المهرانى، فخافوا عند مفارقة البلد أن تقتلهم عشيرته، فاحتاطوا فيما شرطوا لأنفسهم، فأجيبوا إلى ذلك جميعه، وسلموا البلد في سلخ جمادى الآخرة، وكانت مدة مقام الحصار أربعة عشر يوما، وسيرهم السلطان ونساءهم وأولادهم إلى البيت المقدس.
[ذكر فتح غزة وما معها من الحصون]
وما برح السلطان مقيما بظاهر عسقلان حتى تسلم حصون الداويّة، وهى:
غزة والنطرون، وبيت جبريل.
وكانت مدة مقام عسقلان بيد الفرنج خمسا وثلاثين سنة فإن الفرنج ملكوها من المصريين لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
ووصل إلى السلطان وهو نازل بظاهر عسقلان ولده الملك العزيز عماد الدين عثمان، فقرت عينه به.