للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله - رحمه الله - وهو آخرهم، وقتل شهيدا بيد التتر، وزال بزواله الدولة العباسية بالعراق.

[ذكر سيرة الأمام الناصر لدين الله - رحمه الله]

كان شهما شجاعا أبى النفس حازما متيقظا، ذا فكرة صائبة وعقل رصين، ودهاء ومكر، وكانت هيبته عظيمة جدا، وكان له أصحاب أخبار في العراق [١٢٢ ا] وسائر الأطراف يطالعونه بجزئيات الأمور وكلياتها، فكان لا يخفى عنه من الأمور إلا ما قل، وكان ذا سطوة شديدة فكان أهل العراق يخاف أحدهم أن يتحدث مع زوجته في منزله بما يظن أن الخليفة إذا بلغه عاقب عليه. وقد ذكر أن رجلا من أهل بغداد عمل دعوة وغسل يده قبل أضيافه، فطالع أصحاب الأخبار الخليفة بذلك، فكتب [الخليفة (١)] في جواب ذلك: سوء أدب من صاحب الدار، وفضول من كاتب المطالعة.

وكان مع ذلك ردئ السيرة في رعيته، مائلا إلى الظلم والعسف، فخربت في أيامه العراق، وتفرق أهلها في البلاد. وأخذ أموالهم وأملاكهم، ومع هذا فكان له بر ومعروف وصدقات دارة. وكان يفعل أفعالا متضادة؛ عمل دار الضيافة (٢) ببغداد ليفطر عليها الناس في شهر رمضان، فبقيت مدة ثم قطع ذلك، ثم عمل دور الضيافة للحجاج فبقيت مدة ثم أبطلها. وأطلق بعض المكوس التي جددها ببغداد خاصة ثم أعادها.


(١) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٢) كذا في نسختى المخطوطة، وفى ابن الأثير، الكامل، ج ١٢ ص ٤٤٠ «دور الضيافة».

<<  <  ج: ص:  >  >>