للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقعة، وكان صورتها: أن الفرنج عبر منها جماعة الجسر، فنهض إليهم يزك الإسلام، وكانوا في عدة وقوة، فقاتلوهم فقتلوا منهم خلقا كثيرا، وجرحوا أضعاف ما قتلوا، ورموا في النهر جماعة (١) فغرقوا.

ولم يقتل من المسلمين إلا مملوك واحد للسلطان يعرف بأيبك الأخرس (٢)، وكان شجاعا فارسا مقداما، فتقنطر به فرسه، فلجأ إلى صخرة، فقاتل بالنشاب حتى فنى نشابه، ثم بالسيف حتى قتل جماعة، ثم تكاثروا عليه فقتلوه، وأسر من الفرنج سبعة من فرسانهم المشهورة، ثم عاد الفرنج إلى مكانهم خائبين.

[ذكر واقعة الغزاة المطوعة]

ولما وصل السلطان إلى اليزك وقد فاتته الوقعة أمر فضربت له خيمة صغيرة (٣) وأقام ينتظر عود الفرنج لينتقم منهم، ويأخذ بثأر من قتل (٤) من المسلمين، فلما كان يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى ركب السلطان ليشرف على [٣٣٤] القوم على عادته، فتبعه خلق عظيم من الرجالة والغزاة المطوعة والسوقة، وحرص على ردهم، فلم يفعلوا، وخاف عليهم، فإن المكان كان حرجا ليس للراجل فيه ملجأ، ثم هجم الرجالة الجسر وناوشوا العدو، وعبر منهم جماعة إليهم، وجرى بينهم قتال شديد، واجتمع عليهم من الفرنج خلق كثير وهم لا يشعرون، وكشفوهم بحيث يعلمون أنه ليس وراءهم كمين، فحمل الفرنج عليهم جملة واحدة، وقاتلوهم، وكان السلطان بعيدا عنهم، ولم يكن معه عسكر،


(١) النص في س (ص ٧٩ ب): " ورموا في النهر جماعة أنفسهم فغرقوا "، وما هنا يتفق ونص ابن شداد، وهو الأصل الذى ينقل عنه هنا.
(٢) عند (ابن شداد: السيرة اليوسفية، ص ٨١): " الأخرش " أنظر أيضا: (الروضتين، ج ٢، ص ١٤٠).
(٣) س: " خيمته الصغيرة ".
(٤) س: " من بقى "، وما هنا هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>