(٢) هذا الرأى القائل بأن السبب في فتح النوبة ثم اليمن إنما هو تخوف صلاح وأسرته من نور الدين أن يهاجمهم في مصر ويخرجهم منها. أقول إن هذا الرأى مصدره الأول ابن الأثير، وابن الأثير - فيما يبدو - متهم في كثير مما يكتبه عن العلاقات بين صلاح الدين ونور الدين أنظر ما فات: ص ٢٢٣، هامش ٤ وأنظر أيضا (ابن الأثير: الكامل، ج ١١، ص ١٤٥) فهو يقول عند حديثه عن مسير شمس الدولة تورانشاه إلى النوبة: «وكان سبب ذلك أن صلاح الدين وأهله كانوا يعلمون أن نور الدين كان على عزم الدخول إلى مصر، فاستقر الرأى بينهم أنهم يتملكون إما بلاد النوبة أو بلاد اليمن، حتى إذا وصل إليهم نور الدين لقوه وصدوه عن البلاد، فان قووا على منعه أقاموا بمصر، وإن عجزوا عن منعه ركبوا البحر ولحقوا بالبلاد التي افتتحوها». وفى رأيى أن هذا لا يتفق مع ما ذكره ابن الأثير نفسه في موضع آخر (ص ١٤٨) من أن تورانشاه «استأذن نور الدين في أن يسير إلى اليمن لقصد عبد النبى صاحب زبيد لأجل قطع الخطبة العباسية فأذن في ذلك» وقد أكد هذه الحقيقة ابن واصل هنا في المتن بعد سطرين اثنين وإنما ذكر أن الذى استأذن نور الدين هو صلاح الدين. أما الأسباب الحقيقية لفتح اليمن فتجدها في النصوص الكثيرة التي نقلها (أبو شامة: الروضتين، ج ١، ص ٢١٦ - ٢١٧ و ٢٢٠) عن العماد الأصفهانى وابن شداد، وابن أبى طى. وفى: (بدر الدين محمد بن حاتم: السمط الغالى الثمن في أخبار الملوك من الغز باليمن) والكتاب الأخير لا زال مخطوطا، وتوجد منه نسخة في دار الكتب المصرية رقم ٢٤١١. =