ولم يكن لهم هناك خيام، لكن عسكرهم كان قد امتد جريدة شمال عكا إلى البحر، ولما انكسر العدو في ذلك الجانب تبعهم المسلمون، وهجموا خلفهم إلى أول خيامهم، ووقف اليزك الإسلامى مانعا أن يخرج من عسكرهم خارج أو يدخل إليه داخل، وانفتح الطريق إلى عكا من باب القلعة المسماة بقلعة الملك إلى باب بهاء الدين قراقوش الذى جددّه، وصار الطريق مهيعا يمر فيه السوقى ومعه الحوائج ويمر به الرجل الواحد والمرأة، واليزك بين الطريق وبين العدو.
ودخل السلطان ذلك (١) اليوم إلى عكا، ورقى إلى السور [٣٣٩] ونظر إلى عسكر العدو، وتراجع الناس عن القتال بعد صلاة الظهر لسقى الدواب وأخذ الراحة، ولم يعودوا للقتال، وأصبحوا يوم الأحد ثالث شعبان فرأى بعض الأمراء تأخير القتال إلى أن يدخل الراجل كله إلى عكا، ويخرجوا مع العسكر المقيم بها من أبواب البلد على العدو ومن ورائه، وتركب العساكر من خارج من سائر الجوانب، ويحملوا حملة الرجل الواحد.
[ذكر الوقعة الثانية]
ولما كان يوم الجمعة ثامن شعبان خرج الفرنج من مخيمهم بفارسهم وراجلهم، والراجل حولهم كالسور يتلو بعضهم بعض، حتى قاربوا خيام اليزك، فصاح السلطان بالعساكر الإسلامية، فركبوا بأجمعهم، وحملوا حملة الرجل الواحد، فعاد العدو ناكصا على عقبيه، والسيف يعمل فيهم، فالسالم جريح والعاطب طريح، حتى لحقوا بخيامهم، وانكفوا عن القتال أياما، واستمر فتح طريق عكا والمسلمون يترددون إليها.
(١) تنتهى بهذا اللفظ (ص ١١٥ ب) من نسخة س، ثم تنقطع الصلة مرة أخرى بين النص هنا وبين س.