للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر وقوع

الصلح بين الملوك

كان الملك العزيز لما رجع على الصورة التي ذكرناها، وتحقق أن عمه وأخاه قد قصداه بعساكرهما ومن انضاف إليهما من عساكره المفارقين له، احتاج إلى استخدام الرجال وتقوية من بقى معه بالمال، ولم يجد في بيت ماله ما يفى له بهذا المقصود، فعرض أهل مصر عليه بذل أموالهم، وتضرّع إليه الأماثل والأغنياء في أن يجيب سؤالهم في قبول أموالهم، فشكرهم على ذلك، ولم يقبل منه شيئا، وتحقّق محبتهم له وخلوص نيتهم وقال:

«الله سبحانه يكفينى ويغنينى، وليس اعتمادى في النصر إلا عليه».

وكان الملك العزيز - رحمه الله - محببا إلى الرعية لما كان متصفا به من حسن السيرة والعدل والكرم المفرط.

ولما نازل عمّه وأخوه بلبيس، كان فيها خواصّ أصحابه وخلّص أجناده فبينما هو في ضيق ذات يده وخوفه، إذ ورد رسول عمه الملك العادل يطلب منه الاجتماع بالقاضى الفاضل - رحمه الله -، وكان القاضى الفاضل قد تنّزه عن ملابستهم (١٧ ا) ومخالطتهم، واعتزل بنفسه عنهم لما رأى من اختلال أحوالهم وفساد أمورهم، وأحوجه الملك العزيز أن يلبى دعوة عمه الملك العادل ويخرج إليه ليفرج هذه الغمة، فركب من القاهرة، وخرج إليه.

ولما علم بذلك الملك العادل، ركب وتلقاه أحسن تلقّ، واجتمع به، واتفق معه على ما فيه المصلحة الشاملة للكل، وأشار بأنه ينبغى أن يعفو الملك العزيز عن الأمراء الأسدية والأكراد، وأن يصفح (١) عن جرمهم ليرجعوا


(١) (ك): «يفرج».

<<  <  ج: ص:  >  >>