للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الدار التي على النهر الداخل إلى القلعة من الشمال، وكان جلوسه على تلك الصّفّة في أكثر (١) الأوقات، فلما جاءت سنة الزلزلة بنى بإزاء تلك الصّفّة بيتا من الأخشاب، وهو يبيت فيه [١٥٥] ويصبح، ويخلو بعبادته، فدفن في ذلك البيت الذى اتخذه حمى من الحمام»؛ وكانت وفاته يوم الأربعاء حادى عشر شوال من هذه السنة - أعنى سنة تسع وستين وخمسمائة -.

وكان صلاح الدين قد استشعر بقصد نور الدين له، فحكى عنه القاضى بهاء الدين ابن شداد - قاضى حلب رحمه الله - قال: «كان يبلغنا عن نور الدين أنه ربما قصدنا بالديار المصرية، وكانت جماعة أصحابنا يشيرون بأن (٢) نكاشف ونخالف ونشق عصاه ونلقى عسكره بمصاف نرده (٢) إذا تحقق قصده، وكنت أنا وحدى أخالفهم وأقول: لا يجوز أن يقال شىء من ذلك، ولم يزل النزاع بيننا حتى ورد الخبر بوفاته - رحمه الله -».

قلت: ودفن نور الدين - رحمه الله - بالقلعة مدة، ثم نقل إلى مدرسته التي أنشأها بدمشق، ودفن بها (٣)، وقبره بها معروف يزار.

[صفته وسيرته - رحمه الله -]

كان أسمر طويل [القلعة (٤)] ليس له لحية إلا في حنكه (٥)، وكان واسع الجبهة، حسن الصورة، حلو العينين.


(١) س: «جميع الأوقات»، والروضتين: «جميع الأحوال».
(٢) الأصل: «يكاشف ويخالف ويشق عصاه ويلقى عسكره بمصاف يرده»، والتصحيح عن (ابن شداد: النوادر السلطانية، ص ٣٧).
(٣) هذان اللفظان ساقطان من س.
(٤) ما بين الحاصرتين عن س؛ وهذا الوصف منقول عن (ابن الأثير، ج ١١، ص ١٥١)، وعنه نقل أيضا صاحب الروضتين (ج ١، ص ٢٢٨ - ٢٢٩).
(٥) س: «إلا قليل شعرات في ذقنه»، وما هنا يتفق مع الأصل المنقول عنه، وهو ابن الأثير، كما أنه يتفق أيضا ونص الروضتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>