للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن لهم ميل إلى شىء من هذه المذاهب؛ ثم بنى - رحمه الله - دار الغزل (١) مدرسة للمالكية.

وفوّض القضاء بالديار المصرية إلى قاضى القضاة صدر الدين عبد الملك بن درباس الهذبانى (٢) الشافعى، فجعل صدر الدين القضاة في سائر الديار المصرية شافعية، فاشتهر مذهب الشافعية (٢) واندرس مذهب الإسماعيلية بالكلية، وانمحى أثره، ولم يبق أحد من أهل البلاد يمكنه التظاهر به.

[خروج الملك الناصر صلاح الدين إلى الغزاة]

ثم خرج صلاح الدين إلى جهاد الفرنج، وأغار على الرملة وعسقلان، وهجم ربض غزة، ثم عاد إلى القاهرة، ثم وصله الخبر بخروج قافلة من دمشق فيها أهله، فأشفق عليها (٣) وخاف عليهم من الفرنج، فخرج في النصف من ربيع الأول، [فالتقى بالقافلة، وخفرهم إلى مصر بما معهم سالمين، ثم رد على عقبه (٤)].


(١) ذكر (المقريزى: الخطط، ج ٤، ص ١٩٣ - ١٩٤) أن موضع هذه المدرسة يعرف بدار الغزل لأنه كان قيسارية يباع فيها الغزل، ثم هدمها صلاح الدين وبنى مكانها مدرسة للفقهاء المالكية وأوقف عليها الأوقاف الكثيرة أهمها ضيعة بالفيوم، كان يجمع منها قمح كثير يوزع على فقهاء المدرسة، ولهذا عرفت بعد ذلك «بالمدرسة القمحية». انظر عنها أيضا: (ابن دقماق: الانتصار، ج ٤، ص ٩٥). وقال محمد رمزى في تحقيقاته (المرجع السابق) إن هذه المدرسة زالت، ومكانها اليوم أرض فضاء في الجهة الشرقية من جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة بجوار أقمان الجير والفواخير.
(٢) هذه النسبة تدل على أن هذا القاضى كردى كصلاح الدين ومن نفس القبيلة التي ينتمى إليها، وتحويل القضاء في مصر إلى المذهب الشافعى وتعيين قاضى قضاة كردى - والخليفة الفاطمى - لا زال حيا - إجراء له دلالته السياسية الواضحة.
(٣) في س: «عليهم».
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة عن س (٣١ ا).

<<  <  ج: ص:  >  >>