للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١١)

قطعة من خطاب آخر مرسل من صلاح الدين إلى الخليفة ببغداد بشأن غزوة الفرنج سالفة الذكر في البحر الأحمر، وبهذا الخطاب تفصيلات جديدة هامة

عن (أبو شامة: الروضتين؛ ج ٢، ص ٣٧)

«كان الفرنج قد ركبوا من الأمر نكرا، وافتضّوا من البحر بكرا، وعمّروا مراكب حربية شحنوها بالمقاتلة والأسلحة والأزواد، وضربوا بها سواحل اليمن والحجاز، وأثخنوا وأوغلوا في البلاد، واشتدت مخافة أهل تلك الجوانب، بل أهل القبلة لما أومض إليهم من خلل العواقب، وما ظنّ المسلمون إلا أنها الساعة وقد نشر مطوىّ أشراطها، والدنيا وقد طوى منشور بساطها، وانتظر غضب الله لفناء بيته المحرّم، ومقام خليله الأكرم، وتراث أنبيائه الأقدم، وضريح نبيّه الأعظم - صلى الله عليه وسلم - ورجوا أن تشحذ البصائر آية كآية هذا البيت إذ قصده أصحاب الفيل، ووكلوا إلى الله الأمر، وكان حسبهم ونعم الوكيل.

وكان للفرنج مقصدان: أحدهما قلعة أيلة، التي هى على فوّهة بحر الحجاز ومداخله، والآخر الخوض في هذا البحر الذى تجاوره بلادهم من ساحله، وانقسموا فريقين، وسلكوا طريقين: فأما الفريق الذى قصد قلعة أيلة فإنّه قدّر أن يمنع أهلها من مورد الماء الذى به قوام الحياة، ويقاتلهم بنار العطش المشبوب الشباه؛ وأما الفريق القاصد سواحل الحجاز واليمن، فقدّر أن يمنع طريق الحاج عن حجّه، ويحول بينه وبين فجّه، ويأخذ تجّار اليمن وأكارم

<<  <  ج: ص:  >  >>