للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدن، ويلمّ بسواحل الحجاز، فيستبيح - والعياذ بالله - المحارم، ويهيج جزيرة العرب بعظيمة دونها العظائم.

وكان الأخّ سيف الدين بمصر قد عمّر مراكب وفرّقّها على الفرقتين، وأمرها بأن تطوى وراءهم الشقتين: فأما السائرة إلى قلعة أيلة فإنها انقضّت على مرابطى الماء انقضاض الجوارح على بنات الماء، وقذفتها قذف شهب السماء، مسترقى سمع الظلماء، فأخذت مراكب العدوّ برمّتها، وقتلت أكثر مقاتلتها إلا من تعلّق بهضبة وما كاد، أو دخل في شعب وما عاد، فإنّ العربان اقتصّوا آثارهم، والتزموا إحضارهم، فلم ينج منهم إلا من ينهى عن المعاودة، ومن قد علم أنّ أمر الساعة واحدة؛ وأما السائرة إلى بحر الحجاز فتمادت في الساحل الحجازى إلى رابغ وسواحل الحوراء، فأخذت تجّارا، وأخافت رفاقا، ودلّها على غوارب البلاد من الأعراب من هو أشدّ كفرا ونفاقا، وهناك وقع عليها أصحابنا، وأخذت المراكب بأسرها، وفرّ فرنجها بعد إسلام المراكب، وسلكوا في الجبال مهاوى المهالك ومعاطن المعاطب، وركب أصحابنا وراءهم خيل العرب يشلونهم شلا، ويقنصونهم أسرا وقتلا، وما زالوا يتبعونهم خمسة أيام خيلا ورجلا، نهارا وليلا، حتى لم يتركوا عنهم خبرا، ولم يبقوا لهم أثرا، {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً} وقيد منهم مائة وسبعون أسيرا».

<<  <  ج: ص:  >  >>