ووصل ملك الانكلتير بغتة، فما شعر المسلمون سحرا إلا وبوقاته [تنعق، فعلمنا بوصول النجدة، قد وصلت في البحر](١).
قال القاضى بهاء الدين:
فسيّر معى السلطان عز الدين جرديك، وعلم الدين قيصر، ودرباس المهرانى، وشمس الدين عدل الخزانة، وقال: امض إلى الملك الظاهر، وقل له يقف ظاهر الباب القبلى، وتدخل أنت ومن تراه إلى القلعة، ويخرجون القوم ويستولون على ما فيها من الأموال والأسلحة، وتكتبها بخطك إلى الملك الظاهر، وهو ظاهر البلد يسيرها إلينا.
قال:
ففعلنا ودخلنا القلعة، وأمرنا الفرنج بالخروج، فأجابوا وتهيأوا، فقال جرديك: لا ينبغى أن يخرج منهم أحد حتى تخرج الناس من البلد خشية أن يتخطفوهم، فإنهم قد داخلهم الطمع في البلد، وأخذ يشتد في ضرب الناس وإخراجهم، وهم غير مضبوطين بعدة ولا محصورين في مكان، فكيف يمكن إخراجهم؛ فطال الأمر إلى أن علا النهار، وأنا ألومه وهو لا يرجع، والزمان يمضى، فلما رأيت الوقت يفوت، قلت له: إن النجدة قد وصلت والمصلحة المسارعة في إخراجهم، [٤٠٥] فأجاب، وأخرجنا خمسة وأربعين نفرا بخيولهم ونسائهم، وسيرناهم، ثم اشتدت أنفس الباقين وحدثتهم أنفسهم
(١) الأصل: " فما شعر المسلمون سحرا إلا وبوقاته تنعر في البحر " ولا معنى لها، وما هنا عن (ابن شداد، ص ٢٢٤).