ومن الاتفاقات العجيبة أن الملك الأفضل بن الملك الناصر لم يملك مملكة إلا أخذها عمّه الملك العادل:
فأول ذلك أن الملك الناصر أقطع ابنه الملك الأفضل حرّان والرّها وميّافارفين بعد وفاة الملك المظفر تقى الدين، فسار إليها الملك الأفضل، فلما وصل إلى حلب أرسل إليه أبوه السلطان الملك العادل فردّه عن حلب ليأخذ البلاد منه.
ثم (٧٥ ب) ملك الأفضل بعد أبيه دمشق، فأخذها الملك العادل منه.
ثم ملك مصر، فأخذها أيضا منه.
ثم ملك صرخد، فأخذها منه.
قلت:«وأعطاه قلعة نجم، وسروج بعد ذلك، وعاد استرجعها منه».
[ذكر سيرته - رحمه الله -]
كان الملك العادل - رحمه الله - حازما، متيقظا، عزير العقل، سديد لأراء، ذا مكر شديد وخديعة، صبورا، حليما، ذا أناة وتؤدة، يسمع ما يكره ويغضى عنه كأنه لم يسمعه، كثير البذل والخرج عند الحاجة لا يقف في شيء، وأما في غير وقت الحاجة فلا، عظمت هيبته في القلوب، واتسع ملكه، وواتته السعادة، وكثر أولاده، ورأى فيهم ما يحب من اتساع الممالك (١) والظفر بالأعداء