للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان الحادى عشر من شعبان رأى السلطان توسيع الدائرة عليهم لعلهم يخرجون إلى مصارعهم، فنقل الثقل إلى تل العياضية، وهو تل قبالة تل المصلبيين مشرف على العدو وعكا؛ وتوفى في هذه المنزلة حسام الدين طمان، وكان من شجعان المسلمين، ودفن في سطح التل.

[ذكر وقعة العرب]

ثم بلغ السلطان أن جمعا من الفرنج يخرجون للاحتطاب والاحتشاش من طرف النهر مما ينبت عليه، فكمن لهم جماعة من العرب فهجموا عليهم، وقتلوا منهم خلقا عظيما، وأسروا جماعة، وأحضروا رؤوسا عدة بين يديه، وذلك لإحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان.

وفى عشية هذا اليوم وقع بين الفرنج وبين أهل البلد حرب عظيم، قتل فيها جمع عظيم من الطائفتين، وطال الأمربين الفئتين، فلم يخل يوم من جرح وقتل وسبى ونهب، وأنس المسلمون بالفرنج بطول المدة بحيث كانوا يتركون القتال ويتحدّثون، وربما غنّى (١) بعضهم لبعض، ثم يعاودون القتال بعد ساعة، وكانوا ربما خرّجوا صبيانهم وقاتلوا صبيان المسلمين، وأصرعوهم وصارعوهم (٢)، وأسر بعضهم بعضا.

[ذكر الوقعة العظمى بمرج عكا]

ولما كان يوم الأربعاء لتسع بقين من شعبان من هذه السنة خرج الفرنج بفارسهم وراجلهم، وتحركوا حركة لم يتحركوا قبل ذلك مثلها، واصطفوا ميمنة [٣٤٠] وميسرة، وفى القلب الملك، وبين يديه الإنجيل محمول مستور


(١) الأصل: " غنا ".
(٢) راجع قصة الصراع والمقاتلة بين الصبية من المسلمين والفرنج أثناء القتال حول عكا عند ابن شداد: (الروضتين، ج ٢، ص ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>