خطاب بقلم القاضى الفاضل مرسل من السلطان صلاح الدين إلى صاحب مكة، جوابا عن كتاب ورد منه عليه في معنى وصول غلال بعث بها إلى مكة
عن:(القلقشندى: صبح الأعشى، ج ٧، ص ١٠٩ - ١١٠)
وصل كتابك، أيّها الشريف معربا عن المشايعة الشائعة أنباؤها، والمخالصة الخالصة أسرارها الوافرة أنصباؤها؛ وحسان الخلال، التي اقتسم طرفى الحمد إعادتها، وإبداؤها، ومكرمات الآل، التي تساوى في اقتناء المجد أبناؤها وآباؤها؛ وفضائل الإفضال التي لا تخفّ على غير أهل العباء صلوات الله عليهم أعباؤها. ونشر كتابك من محاسنك ما انطوى، ووردنا منه منهلا أروى وارده وارتوى؛ ووقفنا منه على أثر فضل اشتمل على عين الكرم واحتوى، ووفقنا وإياه من الحمد ما لا نخلفه نحن ولا هو مكانا سوى؛ فاقتضانا مزيدا في رفع قدره، واختصاصه من الإنعام بكلّ غريب الموقع ندره، وأصرنا كتابه إلى مستقرّ كاتبه من قلب الودّ وصدره؛ وكيف لا يكون ذلك وقد اشمخرّت لبيته الأنساب، وخرّت الأنصاب، وسجدت الرّقاب، وردّت له بعد ما توارت بالحجاب، وشهد بفضل توقيعهم الحرب وبفضل ليلهم المحراب.
فأمّا ما أشار إليه من الشّكر على ما سيّر من الغلاّت التي كان الوعد بها علينا نذرا، وروّحنا بإرسالها قلبا، وشرحنا بتسيبرها صدرا، وأنّها حلّت ربقة