للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها مركب على الصخر الذى هو قريب من الميناء، وانقلب كل من في البلد من المقاتلة إلى جانب البحر لتلقى البطش وأخذ ما فيها.

ولما علم الفرنج انقلاب المقاتلة إلى جانب البحر زحفوا إلى البلد من جانب البر زحفة عظيمة، وقاربوا الأسوار، وصعدوا في سلم واحد فاندق بهم السلم، وتداركهم أهل البلد، فقتلوا منهم خلقا عظيما، وضرب البطش بعضها ببعض على الصخر، فهلكت وهلك جميع من كان فيها، وكان فيها ميرة عظيمة، لو سلمت لكفت البلد سنة كاملة، ودخل على المسلمين من ذلك وهن عظيم، وتألم السلطان لذلك تألما عظيما، وكان ذلك أول علائم أخذ البلد.

[ذكر عود الملوك إلى بلادهم]

ولما هجم الشتاء وهاج البحر، وأمنت غائلة العدو بسبب تواتر الأمطار واشتداد البرد أذن السلطان للعساكر في العود إلى بلادها ليأخذوا نصيبا من الراحة، فسار عماد الدين زنكى - صاحب سنجار - خامس عشر (١) شوال، ويعده ابن أخيه معز الدين سنجر شاه بن غازى - صاحب الجزيرة - بعد أن أنعم عليهما بما لم ينعم به على غيرهما.

ثم سار علاء الدين ابن (٢) صاحب الموصل في أول ذى القعدة مشرفا مكرما.

ثم سار الملك الظاهر - صاحب حلب - في المحرم سنة سبع وثمانين.

ثم سار الملك المظفر في صفر منها.

ولم يبق عند السلطان إلا نفر يسير من الأمراء والحلقة الخاص.


(١) كذا في الأصل، وعند ابن شداد (الروضتين، ج ٢، ص ١٨٠): " خامس عشرى "
(٢) الأصل: " علاء الدين وعز الدين صاحب الموصل " وقد صححت بعد مراجعة المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>