وقد عرف الفرنج سطاك لّما ... رأوا آثارها عين اليقين (١)
ذكر مقتل
سعد الدين كمشتكين وشهاب الدين أبى صالح بن العجمى
كان السبب في ذلك وقوع المنافسة بين مدبرى الملك الصالح بن نور الدين - رحمه الله -، وأن العدل شهاب الدين أبا صالح بن العجمى استولى على التدبير، وكانت تقدمة الجيوش لسعد الدين، وله حصن حارم إقطاعا، إلا أن رفقاءه حسدوا مرتبته، فمالوا إلى أبى صالح، وصارت الأمور كلها بيده، فوقع بينهما وحشة، فقفز جماعة من الباطنية يوم الجمعة على أبى صالح بن العجمى فقتلوه، واستقل سعد الدين بالأمر، فتكلم فيه حساده، وقالوا للملك الصالح:
" ما قتل وزيرك ومشيرك ابن العجمى إلا كمشتكين، فهو الذى حسّن ذلك للإسماعيلية ".
وقالوا له:
" أنت السلطان، [٢٠١] وكيف يكون لغيرك حكم أو أمر؟ "
فما زالوا به حتى قبض عليه، وطالبوه بتسليم قلعة حارم، فكتب إلى نوابه يأمرهم بتسليمها إلى نواب الملك الصالح، فامتنع الذين بها من التسليم، وتحصنوا فيها، فسيّر سعد الدين تحت الاستظهار، ليأمر أصحابه بتسليمها إلى الملك الصالح، وأمرهم بذلك، فامتنعوا، فعذّب سعد الدين، وأصحابه يرونه ولا يرحمونه، فمات في العذاب، وأصرّ أصحابه على العصيان، وذكر أن سعد الدين علق منكوسا ودخّن تحت أنفه حتى مات.
(١) في الروضتين بيت أخير لم يثبته المؤلف هنا وهو: وأنت ثبت دون الدين تحمى حماه أوان ولى كلّ دين