للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مع بدر الدين عند نور الدين مملوكان، فلما توفى إلى رحمة الله، قال بدر الدين لأحدهما (١): «لا يسمع أحد بموته»، وقال للأطباء والملاحين:

«لا يتكلم أحد، فقد نام السلطان».

فسكتوا ووصلوا إلى الموصل في الليل، فأمر الأطباء والملاحين بمفارقة الشبارة لئلا يروه ميتا، ففعلوا، وحمله هو والمملوكان وأدخله الدار، وتركه في الموضع الذى كان فيه وفيه المملوكان. وترك على بابه من يثق إليه، لا يمكّن أحدا من الدخول والخروج، وقعد يمضى الأمور التي يحتاج إليها.

فلما فرغ من كل ما يحتاج إليه أظهر موته وقت العصر، ودفنه بالمدرسة التي أنشأها مقابل داره.

ذكر صفته

وسيرته - رحمه الله -

كان أسمر، خفيف اللحية والعارضين جدا، مليح الوجه، قد أسرع إليه الشيب، وكان شهما، شجاعا، عادلا، ذا سياسة للرعية، شديدا على أصحابه يمنع بعضهم أن يتعدى على بعض، وكانوا يخافونه خوفا شديدا، فلا يجسرون بسبب الخوف منه على الظلم والتعدى.

وكانت همته عالية، أعاد ناموس البيت الأتابكى ووجاهته (٢) وحرمته بعد أن كان قد ذهب، وخافته الملوك، وكان سريع الحركة في طلب الملك، إلا أنه لم يكن له صبر، فلهذا لم يتسع ملكه.


(١) (ك) و (س): «لهما».
(٢) (س): «وجاهه».

<<  <  ج: ص:  >  >>