للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن محاسن ما ينقل عنه أنه لما توجه من الموصل في نجدة صاحب ماردين حين (١) كان الملك الكامل قد ملك ربضها، وكاد يستولى على قلعتها، وضرب المصاف مع الملك الكامل وكسره [كسرة قبيحة]، (٢) وسافر الملك الكامل إلى حرّان، ولم يبق من عسكره بالمكان أحد، قال أصحاب نور الدين له:

«اصعد بعسكرك إلى ربض ماردين، فما دونه مانع، واملكه، واملك القلعة، ويكون هذا موضع المثل السائر: «رب ساع لقاعد» فقال: «حاش لله أن يتحدث الناس عنى أن ناسا (٣) اعتضدوا بى واستنصروا بى أغدر بهم».

ثم قال لمجد الدين بن الأثير - وكان [من] (٤) أكبر أصحابه -:

«ما تقول يا مجد الدين؟».

فقال: «الغادرون كثير، وقد أودعت (٥٧ ا) غدراتهم الكتب، وهى باقية إلى الآن، ولم يؤرخ عن أحد أنه قدر على مثل ماردين وتركها وفاء وإنعاما وإحسانا».

وقال لمجد الدين: «أرسل إلى صاحب ماردين ليرسل نوابه إلى ولاياته»، وكان قد أقطعها للعساكر التي معه، وأمر بكفّ أيديهم عنها، وتسليمها إلى صاحبها.

فقال مجد الدين: «إن أصحابنا لم يأخذوا درهما واحدا لتأخر إدراك الغلات، فلو بقى الإفطاع في أيديهم إلى أن يأخذوا ما ينفقون عليهم في بيكارهم (٥)»


(١) هذا اللفظ ساقط من (ك) و (س).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة عن (س).
(٣) (س): «قوما».
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة عن (ك).
(٥) البيكار (ج: بياكير) لفظ فارسى معناه الحرب، أنظر (Dozy : Supp .Dict Arab) .

<<  <  ج: ص:  >  >>