للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة أسس القاضى أبو الحسن بن الخشاب (١) منارة حلب، وكان بحلب بيت معبد نار، قديم العمارة، وصار بعد ذلك أتون حمّام، فأخذ ابن الخشاب حجارته، وبنى بها المنارة، فأنهى بعض حسّاده إلى الأمير قسيم الدولة خبره، فغضب على القاضى ابن الخشاب، فاستحضره وقال: «هدمت معبدا هو لى وملكى». فقال: «أيها الأمير، هذا معبد للنار، وقد صار أتونا [١١] فأخذت حجارته لأعمّر بها معبدا للإسلام، يذكر فيه الله وحده لا شريك له، وكتبت اسمك عليه، وجعلت الثواب لك، فإن رسمت غرمت ثمنه لك (٢)، ويكون الثواب لى، فعلت». فأعجب الأمير كلامه، واستصوب رأيه، وقال: «بل الثواب لى، وافعل ما تريد». فشرع في عمارة المنارة وانتهى في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.

[منازلة قسيم الدولة حمص واستيلاؤه عليها]

في هذه السنة نازل الملك جلال الدولة تتش بن السلطان ألب أرسلان، والأمير قسيم الدولة آق سنقر، والأمير مجاهد الدولة بزان (٣) - صاحب الرّها - حمص، وسبب


(١) هو القاضى أبو الحسن محمد بن يحيى بن محمد بن الخشاب؛ والمؤلف لا ينقل هنا عن ابن الأثير، وإنما ينقل قطعا عن تاريخ حلب لابن العديم، فقد نقل هذا النص عنه ابن الشحنة في: (الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب، ص ٦٦ - ٦٧)، وعليه راجعنا النص هنا وصححناه لأننا لم نتمكن من مراجعة تاريخ ابن العديم فاته لم يطبع بعد؛ وأنظر ترجمة القاضى أبى الحسن في: (ابن الشحنة، ص ٦٨).
(٢) النص في ابن الشحنة: «فان رسمت لى أن أغرم ثمن الأحجار ويكون الثواب لى فعلت» وانظر هناك أخبارا تفصيلية عن هذه المنار وتاريخها.
(٣) في الأصل: «مجاهد الدولة بن ألب أرسلان» وهو خطأ، والصحيح ما ذكرناه بعد مراجعة: (ابن الأثير: ج ١٠، ص ٨٣) أنظر أيضا ما فات، ص ١٩، هامش ١

<<  <  ج: ص:  >  >>