للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى هذه السنة - أعنى سنة خمس وستين وخمسمائة - سار الأمير شهاب الدين محمد بن إلياس ابن إيلغازى بن أرتق - وكانت له البيرة - في عسكره، - وهم مائتا (١) فارس - إلى خدمة الملك العادل نور الدين محمود - رحمه الله -، وهو نازل بعشترا؛ فلما وصل إلى اللبوة من أعمال بعلبك، وكان قد ركب متصيّدا، فصادف ثلاثمائة فارس من الفرنج قد ساروا للإغارة على بلاد الإسلام، فوقع بعضهم على بعض، واقتتلوا، وصبر الفريقان، وكثر القتل فيهم، فانهزم الفرنج، واستولى عليهم القتل والأسر، فلم يسلم منهم من يعتد به؛ ثم سار شهاب الدين بالأسرى ورؤوس القتلى إلى نور الدين، فركب هو وعسكره إلى لقائه، واستعرض الأسرى ورؤوس [١١٦] القتلى، فرأى فيها رأس مقدّم الاسبتارية (٢)، صاحب حصن الأكراد، وكان معظما عند الفرنج.

ذكر وفاة قطب الدين مودود بن زنكى

صاحب الموصل

وفى ذى الحجة من هذه السنة توفى قطب الدين مودود بن زنكى بن آق سنقر - صاحب الموصل - وكان مرضه حادا، ولما اشتد مرضه أوصى بالملك بعده لولده عماد الدين زنكى بن مودود، فلم يتم أمره، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.


(١) في الاصل: «مايتى».
(٢) هذه هى التسمية العربية لطائفة الفرسان الهسبتاليين، وهو تحريف ظاهر للفظ الانجليزى (Hospitallers) أو الفرنسى، (Hospitalliers) وكان يطلق في عصر الحروب الصليبية على طائفة من الفرسان الدينيين، وقد أسس هذه الطائفة (Blessed Gerard) في سنة ١٠٩٩ م بعد استيلاء الصليبيين على بيت المقدس. وكانت الدار التي يسكنها هؤلاء الرهبان (Hospice) موجودة قبل ذلك في بيت المقدس وتتخذ مأوى للحجاج والمرضى من المسيحيين، وتشبه هذه الطائفة في كثير طائفة فرسان المعبد (Templiers) التي عرفها العرب باسم «الداوية»، وقد لعب فرسان هاتين الطائفتين دورا خطيرا في الحروب الصليبية انظر: (King: Knights Hospitallers pp .١ - ٣٣) و (محمد فريد أبو حديد: صلاح الدين الأيوبى وعصره، ص ١٠٤، هامش ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>