بكتمر، وتملك معظم البلاد، فاستصرح سيف الدين بكتمر بالخليفة الناصر لدين الله، فورد كتاب الخليفة إلى السلطان ينكر فيه قصد تقى الدين أحلاط، ويظهر العناية التامة ببكتمر، ويشفع في حسن بن قفجاق، ويتقدم باطلاقه، وكان قد قبض عليه مظفر الدين - صاحب إربل -، وينقدم بمسير القاضى الفاضل إلى الديوان لبت حال وفصل أمر، فأجابه السلطان:
بأنا لم نأمر تقى الدين بشئ من هذا، وإنما عبر ليجمع العساكر ويعود إلى الجهاد، وأما ابن قفجاف فقد تقدم الخادم إلى مظفر الدين حتى يحضره إلى الشام، فيقطعه فيه، ويكون ملازما للجهاد؛ وأما القاضى الفاضل فاعتذر عنه بكثرة الأمراض، وقوته تضعف عن الحركة إلى العراق.
ثم إن الملك المظفر نازل مدينة ملازكرد - وهى لبكتمر - وحاصرها وضايقها، ومعه عساكر كثيرة، وكان في صحبته ولده الملك المنصور ناصر الدين محمد بن عمر، فاعترى الملك المظفر مرض شديد، وتزايد به إلى أن توفى إلى رحمة الله تعالى، وذلك يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان من هذه السنة - أعنى سنة سبع وثمانين وخمسمائة - فأخفى ولده الملك المنصور وفاته، ورحل عن ملازكرد، وعاد به إلى البلاد التي هى في يده، وعجب الناس من حزمه وثباته.
ووصل الملك المنصور بعد ذلك إلى حماة بأمواله وخزائنه [٣٩٣] وأصحابه، ودفنه بظاهر حماة من شماليها، بالتربة المعروفة به، وبنى السلطان الملك المنصور إلى جانب التربة مدرسة للشافعية، ورتب لها وقفا جليلا.
[سيرة الملك المظفر تقى الدين - رحمه الله -]
كان الملك المظفر - رحمه الله - ملكا شجاعا جوادا، شديد البأس، عظيم الهمة، ركنا عظيما من أركان البيت الأيوبى، وكان عنده فضل وأدب، وشعر حسن قد