للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر فتح دمياط والنصرة على الفرنج]

وبينما الأمر متردد في معنى الصلح، والفرنج ممتنعون إلا على الشرط الذى اقترحوه، عبر جماعة من عساكر المسلمين في بحر المحلة (١) إلى الأرض التي [١٠٢ ا] عليها الفرنج من بر دمياط، ففجروا فجرة عظيمة في النيل، وكان ذلك في قوة زيادته، والفرنج لا خبرة لهم بأمر النيل، وكيفية فجر جسوره. فركب الماء أكثر تلك الأرض، وصار حائلا بينهم وبين دمياط.

ولم يبق للفرنج جهة يسلكوها غير جهة واحدة فيها ضيق، فأمر السلطان الملك الكامل عند ذلك بنصب جسور عند أشمون طناح، فعبرت العساكر عليها، وملكوا الطريق التي يسلكها الفرنج إلى دمياط إن أرادوا العود إليها، فلم يبق لهم خلاص، وبقوا محصورين من جميع الجهات. واتفق في تلك الحال أنه وصل إلى الفرنج مركب عظيم يسمى مرمه (٢) وحوله عدة حراقات (٣) يحمونه، والجميع مملوء من الميرة والسلاح، وما يحتاجون إليه. فوقعت عليه شوانى المسلمين وقاتلوهم قتالا شديدا، فظفر المسلمون بالمرمة وما معها من الحراقات فأخذوها. فلما رأى الفرنج ذلك سقط في أيديهم، وعلموا أنهم قد ضلوا الصواب بمفارقتهم دمياط، وتوغلهم في طرق لا يعرفونها. وأحاطت عساكر المسلمين بهم من كل ناحية يرمونهم بالنشاب، ويحملون على أطرافهم.


(١) في نسخة م «الحلة» والصيغة المثبتة وهى الصحيحة من نسخة س، انظر ايضا المقريزى، نفس المرجع والجزء، ص ٢٠٧؛ أبو الفدا، المختصر، ج ٣، ص ١٢٩.
(٢) المرمة نوع من السفن الكبيرة في العصور الوسطى، انظر ما سبق ابن واصل، ج ٣، ص ٢٠٦ حاشية ١.
(٣) الحراقة (والجمع حراقات وحراريق) نوع من السفن الحربية كان يستعمل بكثرة في البحر المتوسط وفى نهر النيل، انظر ما سبق، ج ٢ ص ٣٣١ حاشيه ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>