للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان خائفا من الملك الكامل أن يأخذ حماة منه لأخيه الملك المظفر، فطيب قلبه الملك الأشرف، وأصلح له قلب السلطان الملك الكامل. ووصل الملك المجاهد صاحب حمص، والملك الأمجد صاحب بعلبك، وعسكر حلب. وأتت العساكر تتبع بعضها بعضا، ونزلوا كلهم بالمنصورة في خدمة السلطان الملك الكامل.

ورأى الفرنج من العساكر الإسلامية ما هالهم وفتّ في أعضادهم، واشتد القتال بين الفريقين برا وبحرا، واجتمع من رجالة المسلمين بالمنصورة ما لا يقع عليه الإحصاء، فكانوا ينكون في العدو أكثر من نكاية الجند. ثم تقدم جماعة من العسكر إلى خليج من النيل في البر الغربى، يعرف ببحر المحلة، وقاتلوا الفرنج منه. وتقدمت شوانى المسلمين في بحر النيل، وقاتلت (١) شوانى الفرنج، وأخذوا منها ثلاث قطع بمن فيها من الرجال، وما فيها من الأموال والسلاح.

ففرح المسلمون بذلك واستبشروا به، وقويت نفوسهم واستطالوا على عدوهم.

وهذا كله يجرى ورسل الفرنج مترددة بينهم في تقرير قواعد الصلح، وبذل المسلمون لهم البيت المقدس، وعسقلان، وطبرية واللاذقية وجبله، وجميع ما فتحه السلطان الملك الناصر صلاح الدين من الساحل ما عدا الكرك والشوبك ليسلموا دمياط ويرحلوا عن الديار المصرية. فلم يرضوا بذلك وطلبوا ثلثمائة ألف دينار عوضا عن الأسوار التي خربت بالقدس ليعمروه بها. وقالوا لابد من تسليم الكرك والشوبك إليهم، فلم يتم بينهم أمر، واضطر المسلمون إلى قتالهم ومصابرتهم لما يريده الله تعالى من النصرة عليهم، وسلامة القدس والبلاد الساحلية منهم (٢).


(١) في نسخة م «وقاتلوا» والصيغة المثبتة من س.
(٢) انظر أيضا عن قواعد الصلح الذى لم يتم، ابن ايبك الدوادارى، (الدر المطلوب، ورقة ١٥٣ - ١٥٤)؛ ابن الأثير (الكامل، ج ١٢، ص ٣٢٩، حوادث ٦١٤)؛ أبو الفدا (المختصر، ج ٣، ص ١٢٩)؛ المقريزى (السلوك، ج ١، ص ٢٠٦ - ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>