صاحب حصن كيفا، فوعده النجدة، وجمع العسكر، وعاد حسام الدين إلى ماردين، وأرسل رقاعا على جناح طائر إلى نصيبين، يعرّف من بها من العسكر أنه وابن عمه سائران إليهم في العسكر الكثير، ويأمرهم بحفظ البلد خمسة أيام؛ فسقط الطائر على خيمة عماد الدين، فقرأها، وأمر أن يكتب بطاقة غيرها، مضمونها: إنى قصدت ابن عمى ركن الدولة (١)، وقد وعدنى النصرة، وجمع العساكر، وما نتأخر عن الوصول أكثر من عشرين يوما، ويأمرهم بحفظ البلد هذه المدة إلى أن يصل، وجعل البطاقة في الطائر وأرسله، فوقع بنصيبين، فلما وقف أهل البلد على البطاقة أسقط في أيديهم، وعلموا عجزهم عن حفظ البلد هذه المدة، فسلموا البلد إلى عماد الدين، فتسلمه، وهذا من غرائب الاتفاق.
[استيلاء عماد الدين زنكى على سنجار والخابور]
ثم سار إلى سنجار، فامتنع من بها عليه، ثم صالحوه، وسلموها إليه، وسيّر منها الشّحن إلى الخابور، فملكه جميعه، ثم سار إلى حرّان.
استيلاؤه على حرّان
ولما قاربها، خرج أهلها مذعنين له بالطاعة، لأنهم كانوا في ضرر عظيم وضيق من الفرنج - لعنهم الله - فإنه كانت بأيديهم يومئذ الرّها وسرّوج والبيرة، وتلك البلاد، وتلك النواحى جميعها.
ولما ملك حرّان أرسل إلى جوسلين - صاحب الرّها وتلك البلاد - وهادنه مدة يسيرة، ليتفرغ لإصلاح البلاد، وتجنيد الأجناد، وكان أهم الأمور إليه أن يعبر الفرات ويملك البلاد الشامية.