للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتله؛ وقيل بل توفى فجأة، وكانت وفاته يوم السبت [١٠٤] لنمان بقين من جمادى الآخرة من هذه السنة - سنة أربع وستين وخمسمائة - فكانت وزارته شهرين وخمسة أيام.

ذكر استيلاء صلاح الدين يوسف بن أيوب - رحمه الله - على الديار المصرية، وتقلده وزارة العاضد

ذكر القاضى بهاء الدين أن الوصية كانت إليه من عمه أسد الدين، وأنه لما فوض إليه الأمر تاب عن شرب الخمر، وأعرض عن أسباب اللهو، وتقمّص لباس الجد والاجتهاد، وما عاد وما زاد إلا جدا إلى أن توفاه الله إلى رحمته.

قال: «ولقد سمعته - رحمه الله - يقول: لما يسّر الله تعالى الديار المصرية علمت أنه أراد فتح الساحل، لأنه أوقع ذلك في نفسى».

وذكر عن بهاء الدين أنه لما توفى أسد الدين كان بمصر جماعة من أكابر الأمراء النورية، منهم: عين الدولة الياروقى (١)، وقطب الدين خسرو بن التليل، - وهو ابن أخى ابن أبى الهيجا الهذبانى صاحب إربل وقد ذكرناه - وسيف الدين على بن أحمد المشطوب، - وكان جده صاحب قلاع الهكاريّة - وشهاب الدين الحارمى - خال صلاح الدين -، وكل منهم تطاول إلى الأمر ورام التقدم، فأرسل العاضد من القصر يستدعى صلاح الدين ليخلع عليه ويوليه الوزارة، وكان الذى حمل العاضد على ذلك ضعف صلاح الدين، وعلم أنه إذا ولى وليس له عسكر ولا رجال كان تحت يده وحكمه، ولا يجسر على المخالفة؛ وأنه يضع على العسكر الشامى من يستميلهم إليه، فإذا صار معه البعض أخرج الباقين، وتعود البلاد


(١) لعل النسبة هنا إلى «الياروقية» وهى محلة بظاهر حلب. أنظر: (الروضتين، ج ١، ص ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>