للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٩)

خطاب من السلطان صلاح الدين إلى بغداد في وصف وقعة حطين، والخطاب بقلم القاضى الفاضل كتبه من عكا بعد أن فتحها صلاح الدين بعيد انتصاره في حطين

(عن: أبو شامة: الروضتين، ج ٢، ص ٨٧)

«صبّح الخادم طبرية فافتضّ عذرتها بالسيف، وهجم عليها هجوم الطيف، وتفرّق أهلها بين الأسر والقتل، وعاجلهم الأمر فلم يقدروا على الخداع والختل، وجاء الملك ومن معه من كفارّه، ولم يشعر أن ليل الكفر قد آن وقت إسفاره، فأضرم الخادم عليهم نارا ذات شرار، أذكرت بما أعدّ الله لهم في دار القرار، فترجّل هو ومن معه عن صهوات الجياد، وتسنّموا هضبة رجاء أن تنجيهم من حرّ السيوف الحداد، ونصبوا للملك خيمة حمراء وضعوا على الشّرك عمادها، وتولّت الرجال حفظ أطنابها فكانوا أوتادها، فأخذ الملك أسيرا، وكان يوما على الكافرين عسيرا، وأسر الإبرنس - لعنه الله - فحصد بذره، وقتله الخادم بيده، ووفّى بذلك نذره.

وأسر جماعة من مقدمى دولته، وكبراء ضلالته، وكانت القتلى تزيد على أربعين ألفا، ولم يبق أحد من الديوية، فلله هو من يوم تصاحب فيه الذئب أو النسر، وتداول فيه القتل والأسر.

أصدر الخادم هذه الخدمة من ثغر عكّا، والإسلام قد اتسع مجاله، وتصرّف أنصاره ورجاله، والكفر قد ثبتت أوجاله ودنت آجاله».

<<  <  ج: ص:  >  >>