رسالة بقلم القاضى الفاضل أرسلها صلاح الدين وهو بالقرب من حماة في طريقه إلى حلب لمحاربة قواد نور الدين، إلى الديوان العزيز ببغداد، يعدد فيها فتوحه وانتصاراته في مصر واليمن والمغرب، ويسأل الخليفة أن يرسل إليه التقاليد بتوليته على هذه البلاد، وعلى ما قد يفتحه في المستقبل من بلاد أخرى
عن:(الروضتين، ج ١، ص ٢٤١ - ٢٤٣) " فإذا قضى التسليم حق اللقاء، واستدعى الإخلاص جهد الدعاء، فليعد وليعد حوادث ما كانت حديثا يفترى، وجوارى أمور إن قال فيها كثيرا فأكثر منه ما قد جرى، وليشرح صدرا منها لعله يشرح منا صدرا، وليوضح الأحوال المستسرة، فإن الله لا يعبد سرا:
ومن الغرائب أن تسير عرائب ... في الأرض لم يعلم بها المأمول
كالعيس أقتل ما يكون لها الصدى، ... والماء فوق ظهورها محمول
فإنا كنا نقتبس النار بأكفنا وغيرنا يستنير، ونستنبط الماء بأيدينا وسوانا يستمير، ونلقى السهام بنحورنا وغيرنا يعتمد التصوير، ونصافح الصفاح بصدورنا وغيرنا يدعى التصدير، ولابد أن تسترد بضاعتنا بموقف العدل الذى تردّ به الغصوب، وتظهر طاعتنا فنأخذ بحظ الألسن كما أخذنا بحظ القلوب، وما كان العائق إلا أنا كنا ننتظر ابتداء من الجانب الشريف بالنعمة يضاهى ابتداءنا بالخدمة، وإنجابا للحق يشاكل إنجابنا للسبق، كان أول أمرنا أنا كنا في الشام لفتح الفتوح مباشرين بأنفسنا، ونجاهد الكفار متقدمين لعساكرنا، نحن ووالدنا وعمنا في أي مدينة فتحت، أو معقل ملك، أو عسكر للعدو كسر، أو مصاف