" وأما النعت الذى أنكر علىّ، فهذا من عهد الإمام المستضئ بنور الله أمير المؤمنين، والآن فكل ما يشرفنى به أمير المؤمنين من السمة فهو اسمى الذى أتشرف [به] وأعرف، وما غرضى إلا استكمال الفتوح لأمير المؤمنين، وقطع دابر الكفار ".
ثم ودّع السلطان تاج الدين، وأودعه من المشافهة كلما في النفس، وظهرت بعد ذلك بالقبول آثار الرضى، ومضى ما مضى، وكان جماعة من الملوك والأمراء قد ونحوا السلطان لما قيل في حقه، وأرادوا أن يغضبوه، كالملك العادل ومظفر الدين بن زين الدين، فما غضب بل احتمل، وتلقى ذلك بصدر رحب.
ذكر الفتنة بعرفة بين أصحاب الخليفة والسلطان
ومقتل شمس الدين المقدم
لما فتح السلطان البيت المقدس طلب الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك - المعروف بابن المقدم - إذنا من السلطان في أن يحج، ويحرم من القدس، ويجمع في سنة بين الجهاد والحج وزيارة الخليل إبراهيم عليه السلام وما بالشام من مشاهد الأنبياء وبين زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأذن له في ذلك.
وكان قد اجتمع في تلك السنة من الحجاج بالشام الخلق العظيم من العراق والموصل وبلاد الجزيرة وخلاط وبلاد الروم وغيرها، ليجمعوا بين زيارة القدس أول فتوحه وبين مكة، فجعل شمس الدين بن المقدم أميرا عليهم، وساروا حتى وصلوا عرفات سالمين ووقفوا، فلما كان عشية عرفة تجهز هو وأصحابه ليسيروا فأمر بضرب كوساته التي هى أمارة الرحيل، فضربها أصحابه،