للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما اشتد الأمر على الفرنج أحرقوا خيامهم ومجانيقهم وأثقالهم، وأرادوا الزحف إلى المسلمين ومقاتلتهم، لعلهم يقدرون على العود إلى دمياط والإعتصام بها، فعجزوا عن ذلك، وحيل بينهم وبينه لكثرة الوحل والمياه الراكبة للأراضى حولهم.

فلما رأوا عجزهم عن دفع المسلمين عنهم، وأن المنايا قد كثرت [لهم (١)] عن أنيابها، وكانت الأقوات قد عدمت عندهم جدا، ولم يبق لهم سبيل إلى وصول ميرة اليهم، ذلت نفوسهم، وتنكست صلبانهم، فراسلوا السلطان الملك الكامل وأخويه الملك الأشرف، والملك المعظم، يطلبون منهم الأمان لأنفسهم ليسلموا اليهم دمياط من غير عوض.

فاستشار السلطان الملك الكامل ملوك أهل بيته في ذلك، فأشار بعضهم بأن لا يؤمنهم ويأخذهم أخذا باليد، فانهم قد صاروا في قبضته، وهم جمهور أهل الشرك، [١٠٢ ب] وأنه إذا فعل ذلك أخذ منهم دمياط، وجميع ما بقى لهم من البلاد الساحلية. فلم ير السلطان الملك الكامل ذلك مصلحة وقال «إن هؤلاء ليسوا جميع الفرنج، وإذا أبدناهم لا نقدر على أخذ دمياط إلا بمطاولة وحروب كثيرة مدة، ويسمع ملوك ما وراء البحر من الفرنج وباباهم (٢) بما يجرى على الفرنج، فيقدم [إلينا (٣)] أضعاف هؤلاء وتعود للحرب خدعة، وقد ضجرت العساكر من الحرب وكلّت».


(١) اضيف ما بين الحاصرتين من ابن الأثير، الكامل (ج ١٢ ص ٣٣٠، حوادث ٦١٤)، وقد استعان ابن واصل إلى حد كبير بما ذكره ابن الأثير.
(٢) في نسخة س «ما نالهم وما جرى عليهم» والصيغة المثبتة من نسخة م، ومن الثابت أن لفظ «البابا» كان معروفا عند الكتاب المسلمين، انظر، القلقشندى (صبح، ج ٥، ص ٤٧٢).
(٣) ما بين الحاصرتين من نسخة س.

<<  <  ج: ص:  >  >>