للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وركب السلطان فرحا بهذه البشارة، ووقف على تل كيسان، وقد توافت إليه الأسلاب والأسرى والحيوان، فلم يعرض للأموال، وأطلقها لآخذيها، وكانت عظيمة، وجلس وأحضر الأسرى وباسطهم وأطعمهم وكساهم، وأذن لهم أن يسيروا غلمانهم لإحضار ما يريدون إحضاره، ثم نقلهم إلى دمشق للاعتقال، وحفظهم بالقيود.

ودخل الشتاء، وعصفت الأهواء، وهاج البحر، وتكسرت بعض سفن الفرنج، فأنفذوها إلى الجزائر للاحتياط، وربطوا بعضها بصور، فخلا البحر من مراكبهم، وكان أهل البلد قد ملوا وضجروا، وكانوا زهاء عشرين ألفا، فرأى السلطان أن يفسح لهم في الخروج رفقابهم، ولم يكن ذلك مصلحة ورأيا، بل كان الرأى إراحة غيرهم، فإنهم قد ذبّوا وصبروا، وهم كنفس واحدة.

وأشير على السلطان بترتيب البدل، وتكفل الملك العادل بذلك، وانتقل بمخيمه إلى سفح جبل حيفا قاطع النهر، وتقدم بجمع السفن للنقل، واجتمع المنتقلون بالساحل، فمن نجز أمره انتقل، وانتقل إلى البلد (١) من لم يجرب الحصار ولم (٢) يخبر أمور البلد، وممن كان بالبلد أبو الهيجاء السمين فخرج، ولم يبق بالبلد ممن كان به إلا الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدى، ودخل عشرون أميرا عوض ستين، واستخدمت الرجال، [٣٧٣] وأنفقت الأموال، وكان مقدم الداخلين الأمير سيف الدين المشطوب، وتقدم السلطان إلى كل من دخل أن يستصحب ميرة سنة كاملة.

ودخل إلى ميناء عكا سبع بطش للمسلمين مملوءة ميرة وذخائر ونفقات، وكانت وصلت من مصر، وكان دخولها إليه يوم الاثنين ثانى ذى الحجة، وانكسر


(١) يقصد عكا.
(٢) الأصل: " لا " والتصحيح عن العماد: (الروضتين، ج ٢، ص ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>