للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بثوب أطلس مغطى، وأربعة أنفس يمسكون أطرافه، وهم يسيرون بين يدى الملك، وامتدت الميمنة مقابلة ميسرة المسلمين من أولها إلى آخرها، والميسرة في مقابلة الميمنة، وملكوا رؤوس التلال، وكان طرف ميمنتهم إلى النهر، وميسرتهم إلى البحر، ونادى الجاووش (١): " يا للإسلام وعساكر الموحدين "، فركب الناس وباعوا أنفسهم بالجنة، وامتدت الميمنة إلى البحر، كل قوم يركبون ويصطفون بين يدى خيمهم، والميسرة إلى النهر كذلك.

وكان السلطان في القلب، وفى الميمنة ولده الملك الأفضل نور الدين، ثم ولده الملك الظافر خضر - وهو المعروف بالمشمر -، ثم عسكر الموصل، ومقدمهم ظهير الدين بن البلتكرى (٢)، ثم عسكر ديار بكر ومقدمهم قطب الدين بن نور الدين صاحب الحصن وآمد، ثم حسام الدين لاجين بن أخت السلطان [صاحب] (٣) نابلس، ثم صارم الدين قايماز النجمى، وجموع عظيمة متصلون بطرف الميمنة، وكان في طرفها الملك المظفر تقى الدين بعسكره، وهو (٤) مطل على البحر.


(١) يفهم من النص هنا أن الجاووش جندى كانت مهمته النداء واستنفار الجند للقتال، ومثل هذا ما جاء في (العماد: الفتح القسى، ص ٢٤٢): " وضايقوا البلد أشد مضايقة،. . . . فأمر الجاووش حتى نادى. . . الخ "، هذا في العصر الأيوبى، أما في العصر المملوكى فقد كان النظام يقضى بأن يسير أربعة من جنود الحلقة الشجعان أمام السلطان في مواكبه للنداء وتنبيه المارة، والجاويش أيضا جندى من رتبة بسيطة يكلفه مخدومه بحمل الرسائل وتبليغها، والجاووش أو الجاويش أو الشاويش لفظ تركى، وجمعه جاويشية.
انظر: (Dozy : Supp .Dict .Arab)
و (المقريزى: السلوك، نشر زيادة، ج ١، ص ٨٧٠، هامش ٢)
(٢) كذا في الأصل، وهو في (الروضتين، ج ٢: ص ١٤٤): " البكنكرى ".
(٣) الأصل: " السلطان بالسر " وقد صححت وأضيف ما بين الحاصرتين عن (ابن شداد، ص ٩٣).
(٤) بهذا اللفظ تبدأ (ص ٩٠ أ) من نسخة س، وبهذا نعود للمقارنة بين النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>