للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخل إليه الوزير شرف الدين على بن طراد الزينبى (١) وكمال الدين (٢) صاحب المخزن (٣)، وأنا معهما، وكان المسترشد قد طرد نواب السلطان عن البلاد، ورتّب صاحب المخزن للنظر في المظالم (٤)، فقال له الوزير شرف الدين: «يا مولانا، في نفس المملوك [٣٤] شئ، فهل يؤذن له في المقال؟» فقال: «قل»، فقال: «إلى أين نمضى وبمن نعتضد وإلى من نلتجئ ومقامنا ببغداد أمكن لنا، ولا يقصدنا أحد، والعراق ففيه لنا الكفاية، فإن الحسين بن على - عليهما السلام - لما خرج إلى العراق جرى عليه ما جرى، ولو أقام بمكة ما اختلف عليه أحد من الناس؟».

فقال لى الخليفة: «ما تقول يا كاتب؟» فقلت: «يا مولانا، الصواب المقام، وما رآه الوزير فهو الرأى، ولا يقدم علينا أحد، وليت العراق يبقى لنا».

فقال لصاحب المخزن: «يا وكيل، ما تقول؟» فقال: «في نفسى ما في نفس مولانا». فأنشد الخليفة قول المتنبى:

وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تموت جبانا

ثم إنه تجهّز وجمع وحصل في خدمته جماعة من أمراء الأتراك، فأعطاهم مالا عظيما، ثم خرج، وخرجنا معه، فلما قاربنا همذان، وقع المصاف بين الخليفة


(١) هو وزير المسترشد والمقتفى، انظر ترجمته في: (ابن طباطبا: الفخرى، ص ٢٧١، ٢٧٥).
(٢) في الفارقى (بهامش ابن القلانسى، ص ٢٥٠): «جمال الدين طلحة».
(٣) لم أعثر على تعريف لهذه الوظيفة، وإنما سمى متوليها في (ابن الساعى: الجامع المختصر) بصدر المخزن المعمور وذكر هناك في أكثر من موضع أنه عند توليها كان يخلع عليه قميص أطلس نفطى وبقيار بمغربى، ويحمل وراءه ثلاثة أسياف على أيدى مماليك ترك رجالة ويركب في جمع كثير من حجاب الديوان العزيز وحاشية المخزن المعمور (المرجع المذكور ص ١٤٣، ١٤٤، ٢٢٠). ويبدو من النص هنا أنها كانت وظيفة كبيرة تلى في الأهمية وظيفتى الوزارة وكتابة الانشاء.
(٤) للتعريف بهذه الوظيفة انظر: (الماوردى: الأحكام السلطانية، ص ٦٤، والقلقشندى: صبح الأعشى، ج ٣، ص ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>